مفهوم الشعر الأموي

اقرأ في هذا المقال


يعد شعر بني أمية امتداد وتكملة الشعر الإسلامي ساند الأمويون هذا النوع من الأدب كما تأثر بعد نقل الحكم الأموي من الحجاز إلى بلاد الشام، واندماجه بآداب شعوب عديدة وتهافت الخلفاء في هذا العصر على هذا الأدب وشجعوه وأقاموا المجالس والأماكن المخصصة له في بلادهم، وفي هذا المقال سنتعرف على الشعر في الزمن الأموي وأبرز سماته.

الشعر في العصر الأموي

لم يولد هذا الأدب في هذا العصر إنما هو تكملة لما ظهر في العصور السابقة، لكن تطور هذا النوع من الأدب كي يواكب مجريات الحياة الجديدة في هذه الفترة.

جاء الشعر في هذه الفترة مرآة تعكس أحداث العصر ومجرياته لهذا يعد بمثابة موسوعة تاريخية تحمل أخبار أهل هذا العصر، وبسبب الانتقال إلى بيئات جديدة مختلفة عن البيئة الحجازية تنوع الشعر وتطور ليتناسب مع هذه الأماكن، كما كان اختلاطهم بالشعوب الأخرى أثر في إثراء هذا الشعر وتطوره.

تميز الشعر في هذه الفترة بأنه خالي من المصداقية حيث كان أغلبه ينظم من أجل التكسب وخصوصًا الأشعار المرتبطة بالخلفاء مثل المدح والهجاء وغيره، بسبب حياة الرفاهية واللهو التي عاش فيها المجتمع الأموي برز الغزل بشكل كبير في هذه الفترة وتميز فيه الشعراء.

خصائص الشعر في العصر الأموي

1- الإجادة بالشعر: هدف الشاعر من كلامه المنظوم التكسب وظهر ذلك في المدح بشكل واضح، حيث انكبَّ الشعراء على هذا النوع من أجل كسب رضا الممدوح ونيل العطايا منه.

2- الابتداء بالوقوف على الدمن: وهذه السمة القديمة التي حافظ عليها شعراء الأمويين مبتدئين مقطوعاتِهم بها.

3- الإسراف في الاستعطاء: وبسبب ذلك انحرف الشعر في هذه الفترة عن مساره وأصبح يخلو من الصدق، والهدف الأساسي منه هو إرضاء المتلقي ونيل العطايا منه.

4- اختيار ألفاظه من المصادر الإسلامية لذلك نجد الكثير من المفردات المقتبسة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في هذه المقطوعات الشعرية وخاصة شعر الزهد.

5- التمسك بالقافية والالتزام بها والوزن، وظهر جزالة التراكيب في بناء المقطوعات.

6- نظم الشعراء أبياتهم التي تتحدث عن مجريات الأحداث في هذه الفترة فتعد بذلك موسوعة تاريخية تحمل أخبارهم ومجريات حياتهم.

7- الإجادة في وصف الخمرة وذلك نتيجة لحياة الرفاهية التي انغمسوا فيها، ومثال على ذلك وصف الأخطل لها حيث قال:

وتظلّ تتحفنا بها قرويّةٌ 

بريقها برقاعه ملثومُ 

فإذا تعاورت الأكفّ زجاجها 

نفحة فشمّ رياحَها المزكومُ

8- كثرة الصور الفنية: وظهر ذلك في شعر الوصف وخصوصًا وصف البيئة، كما عجت مقطوعاته بالتشبيهات وخصوصًا في الغزل، حيث نذكر هيامه وشوقه للمحبوبة دون إدراج اسمها خوفًا من معرفة أهلها بأمرهم ويمنع من الزواج بها.

الاتجاهات الشعرية في العصر الأموي

1- الشعر الشعبي: كان أهل هذا الاتجاه من المؤدين لعلي بن أبي طالب، ويعد شعرهم وصف حزنهم الشديد لما حلَّ بآل البيت.

2- شعر الأمويين: أهل هذا الاتجاه هم من أنصار الأمويين الذين وجهوا أشعارهم للدفاع عنهم وعن حكمهم.

3- شعر الخوارج: هم من أنصار علي بن أبي طالب في بداية أمرهم ثم خرجوا عن ذلك وأصبحوا معارضين له في موظفين أقلامهم من أجل إنهاء سيادتهم.

4- الشعر الزبيري: وهم أنصار الزبير الذين دافعوا عنه وعن سيادته بأشعارهم.

الأغراض الشعرية في العصر الأموي

1- القصائد السياسية: برز هذا الشعر نتيجة لوجود الأحزاب التي حاولت إنهاء الحكم وبسبب ذلك ظهر من أهل الشعر من كان مؤيد للأمويين ومنهم من هو ضدهم، ومن أبرز أهل الشعر في هذا الموضوع الأخطل فقال:

أَعِنّي أَميرَ المُؤمِنينَ بِنائِلٍ

وَحُسنِ عَطاءٍ لَيسَ بِالرَيِّثِ النَزرِ

وَأَنتَ أَميرُ المُؤمِنينَ وَما بِنا

إِلى صُلحِ قَيسٍ يا اِبنَ مَروانَ مِن فَقرِ

فَإِن تَكُ قَيسٌ يا اِبنَ مَروانَ بايَعَت

فَقَد وَهِلَت قَيسٌ إِلَيكَ مِنَ الذُعرِ

عَلى غَيرِ إِسلامٍ وَلا عَن بَصيرَةٍ

وَلَكِنَّهُم سيقوا إِلَيكَ عَلى صُغرِ

وَلَمّا تَبَيَّنّا ضَلالَةَ مُصعَبٍ

فَتَحنا لِأَهلِ الشامِ باباً مِنَ النَصرِ

فَقَد أَصبَحَت مِنّا هَوازِنُ كُلُّها

كَواهي السُلامى زيدَ وَقراً عَلى وَقرِ

وأيضًا عبيد الرقيات من أبياته:

أَحَلَّكَ اللَهُ وَالخَليفَةُ بِال

غوطَةِ داراً بِها بَنو الحَكَمِ

المانِعو الجارَ أَن يُضامَ فَما

جارٌ دَعا فيهِمُ بِمُهتَضَمِ

وَالوارِثو مِنبَرَ الخِلافَةِ وَال

موفونَ عِندَ العُهودِ بِالذِمَمِ

وَالجابِرو كَسرَ مَن أَرادوا وَما ال

كَسرُ الَّذي أَوهَنوا بِمُلتَإِمِ

فَهُم إِذا جَلَّلَت مُدَجِّيَّةٌ

نُجومُ لَيلٍ تُنيرُ في الظُلَمِ

الكاشِفو غَمرَةً إِذا نَزَلَت

بِالناسِ إِحدى الجَوائِحِ العُظَمِ

لَيسوا يَمُنّونَ فَضلَهُم وَلَهُم

فَضلٌ عَلَينا بِأَحسَنِ النِعَمِ 

2- شعر الغزل: تطور الغزل القديم الذي ظهر في هذا الزمن نتيجة لحياة الرفاهية واللهو ومن أبرز شعراء هذا الغرض الأحوص ومن أبياته:

ما عالَجَ الناسُ مِثلَ الحُبِّ مِن سَقَمٍ

وَلا بَرى مِثلُهُ عَظماً وَلا جَسَدا

ما يَلبَثُ الحُبُّ أَن تَبدو شَواهِدُهُ

مِن المُحِبِّ وَإِن لَم يُبدِهِ أَبَدا

وأيضًا قيس بن ذريح ومن أبياته:

تَتوقُ إِلَيكِ النَفسُ ثُمَّ أَرُدُّها

حَياءً وَمِثلي بِالحَياءِ حَقيقُ

أَذودُ سَوامَ النَفسِ عَنكِ وَمالَهُ

عَلى أَحَدٍ إِلّا عَلَيكِ طَريقُ

فَإِنّي وَإِن حاوَلتِ صَرمي وَهِجرَتي

عَلَيكِ مِنَ اِحداثِ الرَدى لَشَفيقُ

وَلَم أَرَ أَيّاماً كَأَيّامِنا الَّتي

مَرَرنَ عَلَينا وَالزَمانُ أَنيقُ

وَوَعدُكِ إِيّانا وَلَو قُلتِ عاجِلٌ

بَعيدٌ كَما قَد تَعلَمينَ سَحيقُ

وَحَدَّثتَني يا قَلبُ أَنَّكَ صابِرٌ

عَلى البَينِ مِن لُبنى فَسَوفَ تَذوقُ

3- شعر النقائض: انتشر هذا النوع من الشعر في هذه الفترة وكان هذا يدور بين الشعراء إذا يتحدثون عن شعراء آخرين، مادحين لهم أو هاجيًا لهم ويرد الآخر عليه بمقطوعة مماثلة كان جرير والفرزدق هم  شعراء النقائض في هذا العصر مثال على نقائضهم:

فَما أَنتَ مِن قَيسٍ فَتَنبَحَ دونَها

وَلا مِن تَميمٍ في الرُؤوسِ الأَعاظِمِ

وَإِنَّكَ إِذ تَهجو تَميمَن وَتَرتَشي

تَبابينَ قَيسٍ أَو سُحوقَ العَمائِمِ

كَمُهريقِ ماءٍ بِالفَلاةِ وَغَرَّهُ

سَرابٌ أَثارَتهُ رِياحُ السَمائِمِ

بَلى وَأَبيكَ الكَلبِ إِنّي لَعالِمٌ

بِهِم فَهُمُ الأَدنَونَ يَومَ التَلاحُمِ

فَقَرِّب إِلى أَشياخِنا إِذ دَعَوتَهُم

أَباكَ وَدَعدِع بِالجِداءِ التَوائِمِ

ونقض جرير ذلك بقوله:

لَقَد وَلَدَت أُمُّ الفَرَزدَقِ فاجِراً

وَجاءَت بِوَزوازٍ قَصيرِ القَوائِمِ

وَما كانَ جارٌ لِلفَرَزدَقِ مُسلِمٌ

لِيَأمَنَ قِرداً لَيلُهُ غَيرُ نائِمِ

يُوَصِّلُ حَبلَيهِ إِذا جَنَّ لَيلُهُ

لِيَرقى إِلى جاراتِهِ بِالسَلالِمِ

وفي النهاية نستنتج أن الشعر في فترة الحكم الأموي كان امتداد لمثيله الإسلامي لكن حدث له تطورات كثيرة نتيجة الانتقال من الحجاز إلى بلاد الشام، كما شجع عليه الحكم لما كان يخدم سياستهم، وَيجزلون العطايا لأهله وبرز في هذه الفترة العديد من الشعراء أمثال الفرزدق وجرير وغيرهم الكثير.


شارك المقالة: