اقرأ في هذا المقال
رواية الشحاذ
تعتبر هذه الرواية من الروايات الفلسفية الروحانية التي تبحث عن سر الكون والوجود في داخل جسد الإنسان، حيث يعيش فيها البطل صراعات مع النفس تقوده في كل مرة يحاول فيها فهم السر إلى الوصول إلى اللاشيء، ويذكر أن محفوظ كان قد أصدر هذه الرواية في عام 1965 وهو العام التي تسلم فيه منصب المدير العام لمؤسسة دعم السينما المصرية، ويجدر الذكر ان مؤسسة الهنداوي التي تتخذ من القاهرة مقرا لها بإعادة طباعة ونشر هذه الرواية في عام 2022.
المواضيع التي تضمنتها الرواية
- الشحاذ
ملخص الرواية
يقدم لنا الأديب المصري نجيب محفوظ في هذه الرواية الحديث عن شخصية طالما كانت موجودة في مجتمعاتنا الشرقية، هذا الشخص هو “عمر حمزاوي” ذلك الشخص الذي طالما كان همه في الحياة هو البحث عن ملذات الحياة بكافة أشكالها وأنواعها، حتى لو تعارض ذلك مع المبادئ والقيم والأعراف التي يؤمن بها هو ومجتمعه وبيئته التي يعيش فيها، كما تتحدث هذه الرواية عن الذين تتحول حياتهم ومبادئهم إلى النقيض تماما بعدما حدث هنالك تغيير في النظم الاقتصادية والاجتماعية والتي حدثت فجأة، فتصبح بذلك حياتهم بكل ما فيها دون معنى ولا هدف، يسيرون في عالم ليس معروف نهاية الطريق وإلى أين سوف يصل بهم.
إذا هذه الرواية هي في النهاية رواية فلسفية روحانية وجودية تسعى إلى الإجابة عن بعض الأسئلة التي قد يطرحها أحد ما على نفسه سعيا منه للوصول إلى الخروج من حالة الملل والضجر التي قد تدخل نفسه، فيبدأ الصراع من أجل الوصول إلى الحقيقة والتي هي في النهاية لا يمكن لأحد أن يصل لها مهما بلغ من جهد وعناء. فهذه الرواية التي تنقل لنا رحلة الشك إلى اليقين التي عاشها حمزاوي من أجل البحث ومعرفة سر الكون وقيمة الحياة التي يعيشها هو وغيره من الناس.
وهنا نجد أن نجيب محفوظ يحاول البحث عن الله سبحانه وتعالى من خلال شخصية بطل الرواية عمر الذي أصبح عمره 45 عام، وهنا يأتي شعور غريب إلى مخيلة بطل الرواية وهو رغبة منه في ترك هذا العالم والانفصال عنه، لأنه وكما يفكر أن جسده أصبح باليا وخاملا وأن عمره أصبح في أواخر أيامه، وهنا يحاول عمر أن يبحث عن الآلهة في نفسه من أجل فهم طبيعة هذا العالم المترامي الأطراف ومن يسكنه، وهنا لا يجد إلا الجسد من أجل أن يفهم هذا، حيث يتخيل جسد المرأة هو سر الوجود الكوني، لكنه في النهاية يفشل في فهم أي شيء، وهنا يلجأ إلى التصوف من أجل تحقيق ما يريد والشعور بالأمن والاطمئنان، ومرة أخرى يفشل في بلوغ مبتغاه، وعندها يقرر العيش بعيدا عن البشر والانعزال على نفسه والاعتكاف عليها راجيا من الآلهة أن تكشف له سر الكون والوجود والوصول إلى حالة من اليقين تخرجه مما هو فيه.
مؤلف الرواية
عندما اندلعت ثورة عام 1919 كان الأديب المصري نجيب محفوظ يبلغ من العمر ثماني أعوام، وكان قد شهد كل أحداثها ومجرياتها وما الذي أدت به من مقتل وتهجير الكثير، ولهذا فإن هذه الثورة كان لها نصيب كبير في أدب وفكر محفوظ من خلال رواياته التي قدمها عبر قرابة الخمسين عاما، وعندما بلغ الثمانية عشر عاما وإنهائه المرحلة الثانوية قام بالالتحاق بالجامعة المصرية، وهنا التقى بعميد الأدب العربي طه حسين الذي ساعده في كثير من الأمور وخصوصا عندما أبلغه برغبته في دراسة فلسفة أصل الوجود، وهنا بدأ في دراسة الكثير من الكتب والروايات التي أثرت فيه وفي تفكيره فيما بعد، كما تعرف أثناء هذه الفترة على مصطفى عبد الرزاق الذي قام بتجديد الفلسفة الإسلامية في العصر الحديث.
أشهر الاقتباسات في الرواية
1- “واعتمدت بثينة بكوعها على كتف تمثال برونزي لامرأة باسطة الذراعين في هيئة مرحبة، وتطلعت إلى أبيها في تشوف بعينيها الخضراوين، وهي تكرر صورة أمها عندما كانت في الرابعة عشرة، بقامتها الرشيقة، ولكن يبدو أنها لن تتعملق مع الأيام، ولن تسمح للدهن بأن يغطي على صفائها”.
2- “مسح الرطوبة عن جبينه وساعديه، وصمم بإرادة هائلة على أن ينتزع من نفسه أية نية عبث، أو سخرية، أو استهانة. وقال بجدية: إذن فأنت تعشقين سر هذا الوجود؟ أجابت في توتر حلّ محل شجاعتها التلقائية: هذا جائز جدا يا بابا. ما أحمقَنا عندما نظن أنفسنا أغرب من الآخرين!”.
3- “وغيره يتحمل عبء العمل في الواقع، وهو بالكاد يوجه أو يراجع. وتحدق فيه من الجدران أعين قاتمة، والهواء راكد عفن. وفي الخارج استغرقه إحساس خلاق لتجهيز الشقة الجديدة بميدان سليمان باشا، وقال لوردة: إني سعيد بتجهيز عشنا، فإن الهرم لن يصلح للشتاء”.