أشعار أبو فراس الحمداني في العتاب

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن أبو فراس الحمداني:

هو الحارث بن سعيد الحمداني، يُكنى بأبو فراس، عاش معظم حياته في رعاية عمه سيف الدولة الحمداني عندما توفى والده، اشتهر أبو فراس الحمداني في العصر العباسي، كما اشتهر بالفروسية، وأغلب أشعاره كان قد كتبها في سجن الروم وسميت بالروميات.

أشعار أبو فراس الحمداني في العتاب:

كتب أبو فراس الحمداني أعظم قصائد في العتاب، حيث كانت هذه القصيدة إلى ابن عمه سيف الدولة الحمداني أمير حلب، وكتبها لأنّه تأخر في افتدائه، حيث يصف له معاناته في سجن الروم.

تُعد هذه القصيدة من أجمل القصائد التي كتبها ونظمها على البحر الطويل، حيث بدأ في القصيدة بمقدمةٍ غزلية تقليدية وبدأ فيها بالفخر بنفسه، كما أنه كان قد أظهر في قصيدته هذه كل معاني الاعتزاز بالنفس والكبرياء.

مناسبة هذه القصيدة أنها تظهر حب أبو فراس الحمداني إلى سيف الدولة الحمداني وكان يضحي من أجله، وفي إحدى معاركه سقط أسيراً للروم، ولكن سيف الدولة تأخر من إخراجه، وكتب هذه القصيدة لهُ.

وهذا نص قصيدة آرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ:

أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟

بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ!

إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى
وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ

تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي
إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ

معللتي بالوصلِ ، والموتُ دونهُ
إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!

حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا
و أحسنَ، منْ بعضِ الوفاءِ لكِ، العذرُ

و ما هذهِ الأيامُ إلا صحائفٌ
لأحرفها، من كفِّ كاتبها بشرُ

بنَفسي مِنَ الغَادِينَ في الحَيّ غَادَة ً
هوايَ لها ذنبٌ، وبهجتها عذرُ


تَرُوغُ إلى الوَاشِينَ فيّ، وإنّ لي
لأذْناً بهَا، عَنْ كُلّ وَاشِيَةٍ، وَقرُ

بدوتُ ، وأهلي حاضرونَ ، لأنني
أرى أنَّ داراً، لستِ من أهلها، قفرُ

وَحَارَبْتُ قَوْمي في هَوَاكِ، وإنّهُمْ
وإيايَ ، لولا حبكِ ، الماءُ والخمرُ

فإنْ كانَ ما قالَ الوشاة ُ ولمْ يكنْ
فَقَد يَهدِمُ الإيمانُ مَا شَيّدَ الكُفرُ

وفيتُ ، وفي بعضِ الوفاءِ مذلة ٌ
لآنسة ٍ في الحي شيمتها الغدرُ

وَقُورٌ، وَرَيْعَانُ الصِّبَا يَسْتَفِزّها
فتأرنُ ، أحياناً ، كما يأرنُ المهرُ

تسائلني: ” منْ أنتَ ؟ “، وهي عليمة ٌ
وَهَلْ بِفَتى ً مِثْلي عَلى حَالِهِ نُكرُ؟

فقلتُ ، كما شاءتْ ، وشاءَ لها
الهوى: قَتِيلُكِ! قالَتْ: أيّهُمْ؟ فهُمُ كُثرُ

فقلتُ لها: ” لو شئتِ لمْ تتعنتي
وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ!

فقالتْ: ” لقد أزرى بكَ الدهرُ بعدنا!
فقلتُ: “معاذَ اللهِ! بلْ أنت لاِ الدهرُ

وَما كانَ للأحزَانِ، لَوْلاكِ، مَسلَكٌ
إلى القلبِ؛ لكنَّ الهوى للبلى جسرُ

وَتَهْلِكُ بَينَ الهَزْلِ والجِدّ مُهجَة ٌ
إذا مَا عَداها البَينُ عَذّبَها الهَجْرُ

فأيقنتُ أنْ لا عزَّ، بعدي، لعاشقٍ؛
وَأنُّ يَدِي مِمّا عَلِقْتُ بِهِ صِفْرُ

وقلبتُ أمري لا أرى لي راحة ً
إذا البَينُ أنْسَاني ألَحّ بيَ الهَجْرُ

فَعُدْتُ إلى حكمِ الزّمانِ وَحكمِها لَهَا
الذّنْبُ لا تُجْزَى به وَليَ العُذْرُ

كَأني أُنَادي دُونَ مَيْثَاءَ ظَبْيَة ً
على شرفٍ ظمياءَ جللها الذعرُ

تجفَّلُ حيناً ، ثم تدنو كأنما
تنادي طلا ـ، بالوادِ، أعجزهُ الحضرُ

يمنونَ أنْ خلوا ثيابي وإنما
عليَّ ثيابٌ ، من دمائهمُ حمرُ

و قائم سيفي، فيهمُ، اندقَّ نصلهُ
وَأعقابُ رُمحٍ فيهِمُ حُطّمَ الصّدرُ

سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدّ جدّهُمْ “
وفي الليلة ِ الظلماءِ يفتقدُ البدرُ”

فإنْ عِشْتُ فَالطّعْنُ الذي يَعْرِفُونَه
و تلكَ القنا، والبيضُ والضمرُ الشقرُ

وَإنْ مُتّ فالإنْسَانُ لا بُدّ مَيّتٌ
وَإنْ طَالَتِ الأيّامُ، وَانْفَسَحَ العمرُ

ولوْ سدَّ غيري ، ما سددتُ ، اكتفوا بهِ
وما كانَ يغلو التبرُ، لو نفقَ الصفرُ

وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا
لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ

تَهُونُ عَلَيْنَا في المَعَالي نُفُوسُنَا
و منْ خطبَ الحسناءَ لمْ يغلها المهرُ

أعزُّ بني الدنيا، وأعلى ذوي العلا
وَأكرَمُ مَن فَوقَ الترَابِ وَلا فَخْرُ


المصدر: كتاب " ديوان ابي فراس الحمداني " شرح الدكتور خليل الدويهيكتاب " ابو فراس الحمداني الشاعر الفارس " إعداد السيد محسن الأمينكتاب " ابو فراس الحمداني حياته وشعره " نأليف الدكتور عبد الجليل حسن عبد المهدي


شارك المقالة: