رواية لا تدعني أذهب أبدا

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه الرواية من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب كازوو إيشغيرو، وقد تمحور الحديث فيها حول مجموعة من الأطفال تم استنساخهم من أجل الاستفادة من أعضائهم في يوم من الأيام إلى أشخاص آخرين.

رواية أبدًا لا تدعني أذهب

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في منتصف القرن التاسع عشر، وفي تلك الفترة كان قد شاع أنه حدث تطور كبير في العلم، إلى درجة أنه أصبح بإمكان الإنسان أن يزيد على عمر ما يقارب المئة عام، وفي ذلك الحين كانت هناك إحدى المدارس التي تشتهر باسم مدرسة هيلشام، حيث أن في تلك المدرسة كانت هناك إحدى الطالبات تدعى كاثي.

وتلك الفتاة كانت تقضي معظم وقتها بينما تكون في المدرسة مع واحدة من الطالبات المقربات لها وهي ما تدعى روث، وعلى الرغم من أن تلك الطالبتين مقربتان من بعضهما البعض إلى حد كبير، إلا أن هناك كان اختلاف بين شخصية كل منهما عن الأخرى، حيث أن روث كانت من الفتيات التي تعتمد وتسمع الكلام الذي يتناسب مع العقل والمنطق، بينما كاثي فقد كانت تنجر خلف عاطفتها وتعمل ما يمليه عليها ضميرها.

وفي تلك المدرسة كانت ظاهرة التنمر منتشرة وطاغية على الأجواء المدرسية، وأكثر ما كان يتم التنمر عليه هو طالب يدعى تومي، وعلى إثر التنمر الذي كان يمارس عليه كان يدخل في نوبات عصبية وغضب كبيرة، وحينما كانت تشاهده كاثي بهذه الحالة كانت تشعر تجاهه بالشفقة وتحزن على حاله ووضعه، إذ أنه جراء السخرية والاستهزاء منه في معظم الأوقات جعلت منه إنسان انطوائي ومنعزل بنفسه، وفي كل مرة كانت تحاول كاثي التقرب والحديث معه كانت صديقتها روث تنهها عن ذلك وتطلب منها أن تكف عن محاولة الحديث والتعامل معه.

ومن جهة أخرى كانت حياة الطلاب داخل تلك المدرسة تبدو أنها مثالية وعلى مستوى عالي من التقدم والاهتمام، حيث أنه كانوا هؤلاء الطلبة يخضعون للفحص الطبي المستمر وتتم رعايتهم على أحدث طراز، كما يتم تعليم بطريق حديثة ومطورة، وفي الكثير من الأوقات طوال السنة الدراسية كانت تتم إقامة العديد من معارض الفنون والمهرجانات والاحتفالات والأسواق داخل سورها، وكان الكثير منهم إن لم يكن الغالبية يقومون بشراء ما يريدون من تلك الأسواق والبازارات المقامة.

وفي يوم من الأيام بينما كان هناك بازار مُقام داخل المدرسة قام تومي بشراء أحد الأشرطة الغنائية التي تتضمن أغنية تحمل عنوان لا تدعني أذهب وقدمه إلى كاثي كهدية، ومنذ أن قدم تومي الشريط الغنائي لكاثي وهي في كل يوم تستمع إليه أكثر من مرة، إلى أن أوصل بها الأمر أن أصبح أمر الاستماع إلى الشريط هو من الأمور الرئيسية التي تقوم بتطبيقها إلى جانب واجباتها ووظائفها المدرسية.

وفي أحد الأيام قدمت إحدى المعلمات الجدد إلى المدرسة، وفي أول درس قامت بإلقائه على الطلاب أشارت إليهم إلى أن أنهم لن يكبروا أبدًا ولن يصبحوا متقدمين في السن، كما أنهم لا يمكن أن يكون لهم وظائف في المستقبل ولا يمكن لأحدهم تكوين أسرة أو عائلة ولن تكون حاله كحال باقي البشر.

وقد بررت تصريحها بأن هؤلاء الفئة من الطلاب في الواقع قد تم استنساخهم من أشخاص مجهولين، وقد كان الهدف من عملية الاستنساخ تلك التبرع بأعضائهم، وأنهم في يوم من الأيام سوف يأتي الوقت المناسب من أجل عملية التبرع تلك في إحدى المراحل من مراحل حياتهم، وفي تلك اللحظة حينما سمعت روث بذلك الكلام، شعرت بالأسف والخجل من نفسها جراء أسلوبها في التعامل مع تومي، ومن هنا بدأت بمحاولة التقرب منه والتعامل معه بشكل جيد، وحينما شعر تومي بذبك التغيير من ناحية روث بدأ بالاستجابة معها والتقرب منها وقد استغنى عن علاقته مع صديقته القديمة كاثي وابتعد عنها، وقد نسي ما كانت تفعله من أجله على الرغم من محاولات إبعادها عنه من قِبل الجميع.

وبعد مرور العديد من السنوات وكبروا جميعهم ووصلوا إلى مرحلة المراهقة، اقترب الوقت الذي سوف يخضعون به إلى عملية التبرع بالأعضاء، ومن أجل قرب موعد تلك العملية تم تهيئتهم من أجل ذلك وتسكينهم في إحدى المزارع الريفية القريبة من المكان الذي سوف تتم به عملية التبرع، وفي تلك الأثناء حاولت روث مراراً وتكراراً العثور على الشخص الأصلي الذي استنسخت منه، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل دون أي جدوى أو فائدة، وكل ما توصلت إليه هو أنها تم استنساخهم من أشخاص مجهولين ولصوص وطبقات متدنية في المجتمع.

وفي ذلك الوقت أول قرار تم اتخاذه من قِبل المسؤولين عن عملية الاستنساخ هو أنه وقع اختيارهم على روث حتى تصبح في مقدمة الرعاية بالمستنسخين، حيث يتم تعليمها على قيادة السيارة وقد أوكلت إليها مهمة مساعدة المستنسخين الآخرين والاهتمام بهم أثناء قيامهم بعمليات التبرع، وبناءً على ذلك تم تأجيل عمليات تبرعها.

وبعد مرور بضع سنوات جاء دور كل من روث وتومي من أجل التبرع بأعضائهم، وحيت تقابل كل منهم مع الآخر من باب الصدفة أخبرها تومي أنها منذ فترة طويلة كان يكن لها محبة كبيرة، ولكن في تلك الأثناء كانت تبدو أنها ضعيفة للغاية ومهزوزة من الداخل جراء اقتراب عملية تبرعها بالأعضاء، وفي تلك اللحظة حضرت كاثي إلى جانب تومي وهمست في أذنه أنها سمعت من إدارة المدرسة أنه يمكن أن يتم تأجيل عمليات تبرعهما؛ وذلك الأمر يعود إلى أنهم عاشقين، ثم بعد ذلك تمت آخر عملية تبرع لباقي الطلاب.

وفي النهاية توجه كل من تومي وكاثي إلى إدارة المدرسة وأول ما التقوا مع المديرة طلبا منها أن يتم تأجيل عملية التبرع، وقد صرحا بأنهم بينهما علاقة حب قوية، وهنا أخبرتهما المديرة أن المدرسة لم تعطي أي قواعد وضوابط على الإطلاق حول عمليات التبرع أو الاستنساخ، كما أشارت إلى أنها كانت تقيم لهم معارض فنية لأنهم كانوا يعتقدون أنهم لا يملكون أرواح من الأصل.

وأخيراً حدث وأن جاءت نوبة ثوران لتومي مثلما كان يحصل معه في صغره سرعان ما توجه إلى عملية التبرع، بينما كاثي فقد بقيت وحيدة بمفردتها تنتظر موعد عمليتها، وفي تلك لحظة وصلتها رسالة يشار بها إلى أن عليها التبرع بأول عضو بعد شهر واحد بالتمام من ذلك التاريخ المكتوب في الرسالة، وهنا تساءلت كاثي وهو يعتريها الحزن الشديد فيما إذا سوف يكون مصيرها يختلف في الحقيقة عن الأشخاص الذين يتلقون أعضائها.

المصدر: كتاب رواية لا تدعني أذهب أبدا - كازوو إيشغيرو - 2005


شارك المقالة: