قصة الأمير والبرتقالات الثلاثة

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول سيدة ساحرة قامت بتطبيق لعنة على الأميرة وحولتها إلى حمامة.

الشخصيات

  • الأمير
  • السيدة الغامضة
  • الأميرة الجميلة

قصة الأمير والبرتقالات الثلاثة

في قديم الزمان كان هناك أمير لم يضحك أو يبتسم في يوم من الأيام، وقد اشتهر ذلك الأمير بين كافة الشعب بأنه شاب كئيب كان يبدو دائمًا أنه وحيدًا، وذات يوم جاءت سيدة غامضة وصرحت أمام العامة أنها سوف تجعل الأمير يضحك ويبكي كذلك.

وذات مرة قامت تلك السيدة الغامضة بارتداء ملابس خرقة ومخيطة بقطع من الخيط وتركت شعرها متناثر على كتفيها، ثم أخذت طبل صغير وذهبت لترقص أمام القصر الملكي، وأول ما سمع الأمير أصوات الموسيقى خرج إلى الشرفة، في تلك اللحظات رقصت المرأة الغامضة بشغف لدرجة أنها لم تلاحظ ذلك الخيط الفضفاض الذي يتدلى من ثوبها، وفجأة تعثرت في الخيط وسقطت على الأرض، وهنا دخل الأمير في نوبة ضحك لم يكن بإمكانه السيطرة عليها.

وحينما شاهدته السيدة الغامضة يضحك ويسخر منها، ثار بها الغضب وقالت له: لا تضحك مرة أخرى حتى تجد البرتقال الثلاثة، وفي تلك اللحظة صمت الأمير ودخل بحالة من الحزن الشديد، وقد استمرت حالته تلك لعدة أيام، وبعد تفكير عميق حدث نفسه قائلاً: أريد أن أستمتع وأضحك مرة أخرى، لذلك سوف أبحث عن البرتقالات الثلاثة أينما كانوا.

في صباح اليوم التالي انطلق الأمير للبحث عن البرتقالات الثلاثة، في البداية فتش جميع القرى المجاورة ثم بحث في أماكن أبعد وأبعد حتى وصل إلى حافة مملكة والده، وبعد عدة أسابيع من بحثه، صادف الأمير المرأة الغامضة ذاتها، ولكن في هذه المرة كانت ترتدي ملابس جميلة بدلاً من الخرق، ولذلك لم يتعرف عليها الأمير.

وهنا سألته السيدة الغامضة وقالت: إلى أين أنت ذاهب أيها الشاب؟ فأجابها الأمير: أبحث عن البرتقالات الثلاثة، فقالت السيدة: لكنهم بعيدون جدًا من هنا، إنهم في عمق الكهف الموجود على شاطئ البحر وهم محميون بثلاثة كلاب شرسة، يجب أن تسافر شمالًا حتى تصل إلى البحر وهناك ستجد مدخل الكهف مخفيًا خلف بعض الصخور الكبيرة.

وفي تلك الأثناء شكر الأمير السيدة وقام بشراء ثلاثة أرغفة من الخبز ومن ثم توجه للسفر، وبعد عدة أيام من السفر وصل أخيرًا إلى الصخور ثم اكتشف الكهف، وحينما كان الأمير على وشك دخوله، هنا جاء كلب ضخم وتقدم نحوه في الظلام، ودون تفكير ألقى الكلب بأول رغيف خبز واستمر في السير في الكهف، ثم بعد ذلك كان كلب آخر يقف بالقرب منه، وعيناه تحدقان عليه في الظلام، فأعطى الأمير هذا الكلب رغيف الخبز الثاني واستمر في المشي أكثر فأكثر في الكهف المظلم، بعد ذلك بقليل صادف الأمير الكلب الثالث والذي كان يزمجر ويلهث ويبدو أنه مستعد للانقضاض على الأمير، وهنا على الفور قدم الأمير له آخر رغيف خبز واستمر في استكشاف الكهف.

وبينما كان جميع الوحوش الثلاثة مشغولين بوجباتهم أخيرًا خرج الأمير من الظلام الدامس داخل الكهف إلى غرفة كبيرة، وفي منتصف تلك الغرفة كانت هناك طاولة طويلة وعليها ثلاثة صناديق ذهبية، وسرعان ما انتزع الأمير الصناديق الثلاثة من الطاولة وخرج من الكهف بأسرع ما يمكن، وبعد الركض لساعات عديدة، جلس ليستريح في ظل شجرة طويلة وقرر فتح الصندوق الأول، وإذ به يجد في داخله برتقالة، وما كان مثير للدهشة هو أن تلك البرتقالة تتكلم وتقول: أنا بحاجة للماء وإلا سأموت، أراد الأمير مساعدتها، ولكن من سوء الحظ أن لم يكن لديه ماء ولذلك ماتت البرتقالة.

ثم بعد ذلك لم يرغب الأمير في ارتكاب ذات الخطأ مع البرتقالة الثانية، ولذلك قرر الاستمرار في رحلته، وحينما وصل إلى نزل على جانب الطريق جلس وطلب طعاماً وزجاجة ماء باردة وعلبة كحول، حينها قرر فتح الصندوق الذهبي الثاني، وبه وجد برتقالة ثانية، وكما حدث قبل ذلك تحدثت معه هذه البرتقالة وقالت: بحاجة للماء.

ولكن من شدة عجلة الأمير سكب الكحول على البرتقال بدلاً من الماء، وفي الحال ماتت البرتقالة، وفي اليوم التالي غادر الأمير النزل واستمر في رحلته إلى المنزل، سافر لأميال عديدة حتى وصل إلى نهر عند سفح جبل شاهق وهناك قرر التوقف وفتح الصندوق الذهبي الثالث والأخير، وقد كانت حالة البرتقالة فيه كبقية البرتقالات، وعلى الفور ألقى الصندوق الذهبي في النهر حتى يشرب البرتقال كل الماء الذي يحتاجه.

وأول ما هبط الصندوق في النهر، ظهرت سحابة ضخمة من الدخان الأبيض في الهواء في كل مكان، وبمجرد أن تلاشى الدخان ظهرت أميرة شابة جميلة للغاية وقع الأمير بحبها على الفور وانطلق معها إلى أقرب قرية وتزوجها هناك، وأمضيا فترة حتى أنجبا أول طفل لهما، وذات يوم قال الأمير لزوجته: يجب أن نزور القصر الملكي، فأنا لم أرسل أخبارًا عني لوالدي الملك، وقد مر عام تقريبًا منذ أن انطلقت في مهمته.

وفي صباح اليوم التالي انطلق الزوجان في رحلة العودة الطويلة إلى القصر، وحينما كانا قريبين من القصر طلب الأمير من زوجته أن تستريح بجانب نافورة ماء حتى يخبر والده بوصولهما وأول ما ذهب الأمير لوالده، ظهرت السيدة الغامضة أمام زوجة الأمير وطفلها، قالت السيدة: لديك ابن جميل جداً يا أميرة، دعني أحمله حتى تستريحي أكثر، وافقت الأميرة وأخذت السيدة الطفل بين ذراعيها، ثم قالت للأميرة: لديك شعر جميل يا أميرة، اسمحي لي أن أمشطها لك حتى تبدو في أفضل حالاتك عندما تقابلي الملك.

وافقت الأميرة على طلب السيدة، ولكن حينما كانت السيدة تمشط شعر الأميرة، وضعت دبوس فضي في مؤخرة رقبتها وسرعان ما تحولت الأميرة إلى حمامة بيضاء، ثم جلست السيدة الشريرة ودارت ظهرها بانتظار عودة الأمير، وحينما عاد الأمير قال: يبدو أن وجهك وشخصك قد تغير يا عزيزتي.

وهنا ردت الشريرة: الشمس دمرت بشرتي خلال رحلتنا الطويلة، كما أنني أبدو مختلفًا لأنني متعبة، نجحت الشريرة في خداع الأمير والذي اصطحبها هي وابنه إلى القصر الملكي، غير مدركين أن زوجته الغالية قد تحولت إلى حمامة، استمرت الحياة في القصر الملكي لبعض الوقت واستمرت الساحرة في خداع الأمير ليعتقد أنها زوجته الجميلة، لكنها لم تخدعه بشكل كامل؛ وذلك لأن الأمير لم يشعر بالرضا كما كان مع زوجته.

وباستمرار كانت الشكوك تدور في ذهنه حول أن هناك شيء ليس على ما يرام، ذات يوم توفي الملك وكان دور الأمير ليصبح ملكًا ويحكم الأراضي، وفي حدائق القصر بدأت حمامة في الظهور يوماً بعد يوم، وبعد عدة أشهر بدأت هذه الحمامة في التحدث إلى البستاني، إذ تسأل عن الملك وابنه الصغير، كان البستاني يخبر الحمامة بكل ما يعرفه ويعترف بأن الأمير الصغير ليس طفلًا سعيدًا والملك ليس رجلاً سعيدًا.

وحينها قالت الحمامة للبستاني أن زوجة الملك ووالدة الطفل أصيبت بلعنة واضطرت للعيش بمفردها في الجبال مثل هذا الطائر الذي تراه أمامك، وعلى الفور أبلغ البستاني الملك عن وجود الحمامة، وسرعان أمر الملك البستاني بإمساك المخلوق غير العادي وإعطائه لابنه الأمير الشاب كرفيق له، وأول ما أصبحت الحمامة صديقه للأمير بدأ الأمير تطغو عليه السعادة، وفي أحد الأيام لاحظ الأمير الصغير أن هناك دبوس فضي عالق في مؤخرة رقبتها، مد يده وسحب الدبوس وعلى الفور تحولت الحمامة إلى الأميرة الجميلة، شعر الأمير بالرعب وصرخ بأعلى صوته، لكن الأميرة تحررت أخيراً من لعنة الساحرة الشريرة.

وأخذت تهدئ من روع الأمير وصرحت له أنها والدته وأنه حررها من لعنة الساحرة، وحينما سمع الملك صراخ ابنه دخل إلى الغرفة وتعرف على الفور على حبه الحقيقي الوحيد، وفي النهاية احتضنها الملك وشرح لابنه أنها والدته الحقيقية، وقد شرحت الأميرة كيف خدعتها الساحرة الشريرة وحولتها إلى حمامة، غضب الملك وأمر بسجن السيدة.

العبرة من القصة هي أنه الحيل والخداع طريقه قصيرة، ولا يمكن أن يستمر إلى النهاية، فلا بد وأن يأتي ذلك اليوم ويتم كشف تلك الحيل الخادعة.

المصدر: كتاب قصص وحكايات خرافية - هانس كريستيان أندرسن - 2006م


شارك المقالة: