قصة قصيدة أشاعر عبد الله إن كنت لائما
أمّا عن مناسبة قصيدة “أشاعر عبد الله إن كنت لائما” فيروى بأن كان في بني عكل شاعر محكم يقال له سويد بن كراع، وكان مقدمًا عند أهل قومه، وصاحب رأي سديد بينهم، وكان يسكن في المنطقة التي يعيش فيها قومه كل من قبيلة ضبة، وقبيلة عدي، وقبيلة تيم، وفي يوم من الأيام قام رجل من بني عدي بضرب رجل من بني الضبة، ومن بعدها قام بضرب رجل من بني السيد، وكان بني السيد مشهورون بشراستهم ونكدهم، وهم أخوال الفرزدق، فاجتمع القوم، وأرادوا قتال بني عدي، وقبل أن يخرجوا للقتال أتاهم رجل من بني عدي، ووضع نفسه رهينة عندهم، حتى يروا ماذا يريد الرجل الذي ضرب أن يفعل، فأنشد خالد بن علقمة بن الطيفان، وهو من حلفاء قوم بني عبد الله بن دارم، قائلًا:
أسالِمُ إني لا إخالك سالما
أتيتَ بني السيِّد الغُواةَ الأشائِما
أسالِم إن أفلتَّ من شرّ هذه
فوائِلْ فِراراً إنما كنتَ حالما
أسالم ما أعطى ابنُ مامةَ مثلها
ولا حاتمٌ فيما بلا الناسُ حاتِما
فقال سويد بن كراع يجيبه عن ذلك:
أَشاعِرَ عَبدَ اللَهِ إِن كُنتَ لائِماً
فَإِنّي لِما تَأَتي مِنَ الأَمرِ لائِمُ
تُحَضِّضُ أَفناءَ الرِبابِ سَفاهَةً
وَعِرضُكَ مَوتورٌ وَلَيلُكَ نائِمُ
وَهَل عَجَبٌ أَن تُدرِكَ السَيدَ وِترَها
وَتَصبِرُ لِلحَقِّ السَراةُ الأَكارِمُ
رَأيتُكَ لَم تَمنَع طُهَيَّةَ حُكمَها
وَأَعطَيتَ يَربوعاً وَأَنفُكَ راغِمُ
وَأَنتَ اِمرؤٌ لا تَقبَلُ الصُلحَ طائِعاً
وَلَكِن مَتى تُظَأَر فَإِنَّكَ رائِمُ
دَعَوتُم إِلى أَمرِ النَواكَةِ دارِماً
فَقَد تَركتُكُم وَالنَواكَةَ دارِمُ
وَكَنتَ كَذاتِ البَوِّ شُرِّمَت اِستُها
فَطابَقَت لَمّا خَرَّمَتكَ الغَمائِمُ
فَلو كُنتَ مَولى مُسلَت ما تَجلَلت
بِهِ ضَبعٌ في مُنتَقى القَومِ واحِمُ
وَلَم يُدرِك المَقتولُ إِلاّ مَجَرَّهُ
وَما أَسارَت مِنهُ النُسورُ القَشاعِمُ
عَلَيكَ اِبنَ عَوفٍ لا تَدَعهُ فَإِنَّما
كَفاكَ مَوالينا الَّذي جَرَّ سالِمُ
أَتَذكُرُ أَقواماً كَفَوكَ شُؤونَهُم
وَشَأنُكَ إِلاّ تَركُهُ مُتَفاقِمُ
نبذة عن سويد بن كراع
هو سويد بن كراع العكلي، وهو أحد بني الحارث بن عوف بن وائل بن قيس بن عكل، وقد كان شاعرًا مقدمًا من شعراء الدولة الأموية، وكان في آخر أيام جرير والفرزدق.