قصة قصيدة لأبكين على نفسي وحق ليه

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة لأبكين على نفسي وحق ليه

أمّا عن مناسبة قصيدة “لأبكين على نفسي وحق ليه” فيروى بأنه في يوم من الأيام دخل رجل يقال له ابن السماك إلى مجلس الخليفة العباسي هارون الرشيد، وصادف أن الخليفة كان يرفع كأسًا من الماء لكي يشرب بينما هو داخل، فقال ابن السماك: مهلًا أيها الخليفة، فتوقف الخليفة عن الشرب، وأنزل الكأس، فقال له ابن السماك: بالله عليك يا مولاي، لو أنك منعت عن شرب هذا الماء، فكم كنت ستدفع لكي تشربها؟، فقال له الخليفة: والله أدفع نصف ما أملك، فال له ابن السماك: اشرب، هنأك الله، فحمل الخليفة الكأس، وشرب حتى ارتوى، وعندما انتهى قال له ابن السماك: أقسمت عليك بالله، لو أن هذه الماء منعت من الخروج من جوفك، فكم كنت ستدفع لإخراجها؟، فقال له الخليفة: والله أدفع كل ملكي.

فقال ابن السماك للخليفة: يا أمير المؤمنين، إن الملك الذي تفضل عليه شربة من الماء، وتبيعه من أجل بولة واحدة، لا يستحق أن ينافس عليه، فبكى الخليفة حتى ابتلت لحيته، وكان من بين الحاضرين رجل يقال له الفضل بن ربيع، فقال لابن السماك: مهلًا، والله إن الخليفة أحق من رجاء العافية، لأنه عادل في ملكه، فقال ابن السماك: يا مولاي، إن هذا الرجل لن يكون معك في قبرك عندما تموت، فانظر إلى نفسك، فأنت بها أعلم، وأما أنت يا ابن الربيع، فمن حق الخليفة عليك أن تكون من حسناته يوم القيامة، لا أن تكون من سيئاته، ومن هذا الخبر أنشد أبو العتاهية قائلًا:

لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي وَحَقَّ لِيَه
يا عَينُ لا تَبخَلي عَنّي بِعِبرَتِيَه

لَأَبكِيَنَّ لِفِقدانِ الشَبابِ وَقَد
نادى المَشيبُ عَنِ الدُنيا بِرِحلَتِيَه

لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني
عَينٌ مُؤَرَّقَةٌ تَبكي لِفُرقَتِيَه

لَأَبكِيَنَّ عَلى نَفسي فَيُسعِدُني
أَهلي وَمَن كانَ حَولي مِن أَحِبَّتِيَه

لَأَبكِيَنَّ وَيَبكيني ذَوّ ثِقَتي
حَتّى المَماتِ أَخِلّائي وَإِخوَتِيَه

لَأَبكِيَنَّ فَقَد جَدَّ الرَحيلُ إِلى
بَيتِ اِنقِطاعي عَنِ الدُنيا وَوَحدَتِيَه

يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ مُنقَطَعي
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ غُربَتِيَه

يا بَيتُ بَيتَ النَوى عَن كُلِّ ذي ثِقَةٍ
يا بَيتُ بَيتَ الرَدى يا بَيتَ وَحشَتِيَه

يا نَأيَ مُنتَجَعي يا هَولَ مُطَّلَعي
يا ضيقَ مُضطَجَعي يا بُعدَ شُقَّتِيَه

يا عَينُ كَم عِبرَةٍ لي غَيرِ مُشكِلَةٍ
إِن كُنتُ مُنتَفِعاً يَوماً بِعِبرَتِيَه

نبذة عن أبو العتاهية

هو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، من شعراء العصر العباسي، ولد في الكوفة في العراق، وتوفي في بغداد.

اتصل بالعديد من الخلفاء فمدح الخليفة المهدي، والهادي، وهارون الرشيد.

المصدر: كتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسي كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: