قصة قصيدة من رآنا فليحدث نفسه

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة من رآنا فليحدث نفسه:

أمّا عن مناسبة قصيدة “من رآنا فليحدث نفسه” فيروى بأن عدي بن زيد العبادي كان من المقربين عند النعمان بن امرؤ القيس، وفي يوم من الأيام دخل عليه وكان النعمان يومها جالسًا مع ندمائه، فجلس عدي معهم، وبينما هم جالسون، قال النعمان لعدي: كيف ترى ما أنا فيه من نعيم؟، فقال له عدي: إنّه جيد لو كان لا ينتهي، وسرور لو كان دائم، فقال له النعمان: هل كل ما عندي سوف ينفذ؟، فقال له عدي: نعم، فقال النعمان: وما الخير فيه إن كان نافذ؟، فأخذ عدي يعظه.

فخرج النعمان يسير، وخرج معه عدي، وبينما هم سائرون مروا بمقبرة، فقال عدي: هل تعرف ماذا تقول هذا القبور يا مولاي؟، فقال له النعمان: لا، فقال له: إنها تقول:

أيها الركب المخبون
وعلى الأرض المجدون

مثلما أنتمُ كنّا
وكما نحن تكونون

فظهر على الملك الانكسار، ثم استمروا بالمسير، ومروا من عند شجرات، فقال عدي: هل تعرف ماذا تقول هذه الشجرات يا مولاي؟، فقال له: لا، فقال له: إنها تقول:

مَن رآنا فليحدث نفسه
أنه موفٍ على قرن زوال

وصُروف الدهر لا يبقى لها
ولما تأتي به صُمُّ الجبال

رب ركب قد أناخوا حولنا
يشربون الخمر بالماء الزلال

والأباريق عليها فُدمٌ
وعتاق الخيل تردي بالجلال

عمروا دهراً بعيش حسن
آمني دهرهم غير عجال

ثمّ أضحوا عَصَفَ الدهرُ بهم
وكذاك الدهر يُودي بالرجال

وكذاك الدهر يرقى بالفتى
في طلاب العيش حالاً بعد حال

فتأثر النعمان بما سمع من عدي تأثرًا شديدًا، وقال له: أحضر إلى مجلسي في الصباح، فإنّي أريد أن أخبرك بشيء، وعندما أتاه في الصباح، قال له: إني أعلم بأن القبور لا تنطق، وأن الشجر أيضًا لا ينطق، وإنّما أنت أردت أن تنصحني وتعظني، فأين منجاتي؟، فقال له عدي: عليك يا مولاي أن تترك عبادة الأوثان وتدين بدين المسيح عليه السلام، وعنها تدين النعمان بدين المسيحية.

نبذة عن عدي بن زيد:

هو عدي بن زيد العبادي التميمي، شاعر نصراني من أهل الحيرة، اشتهر بالفصاحة، وكان داهية من دهاة العرب في الجاهلية، ولد في عام خمسمائة وخمسون ميلادي في العراق، وتوفي في عام ستمائة ميلادي، وكان ذلك في عام خمسة وثلاثون قبل الهجرة.

المصدر: كتاب " ديوان عدي بن زيد العبادي " تحقيق محمد جبار المعيبدكتاب " الشعر والشعراء " تاليف ابن قتيبة كتاب " الاغاني " تأليف أبو فرج الاصفهانيكتاب " عدي بن زيد العبادي الشاعر المبتكر حياته وشعره" تأليف الدكتور محمد علي الهاشمي


شارك المقالة: