قصة كارثة جسر تاي

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول كارثة كانت قد حصلت في يوم من الأيام لأحد الجسور، وقد تم ربطها بأحد الشعراء؛ وذلك لأنه حينما ألقى قصيدته حول ذلك الجسر لم تمضي فترة طويلة حتى حصلت الكارثة.

قصة كارثة جسر تاي

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في المناطق الشمالية الغربية من القارة الأوروبية والتي تتمثل في الجزء الرابع من الدول المنظمة للمملكة المتحدة، حيث أنه في يوم من الأيام وعلى وجه التحديد في اليوم الثامن والعشرين من شهر ديسمبر من عام 1879م، حدث وأن اندلعت عاصفة رهيبة عنيفة في كافة أرجاء تلك المناطق، وتلك العاصفة قد تسببت في حدوث انهيار مفزع لواحد من الجسور الحديدية الموجودة في تلك المناطق وهو ما يشتهر باسم تاي.

وقد تم إنشاء ذلك الجسر من أجل تخصيص مكان لسير القطارات من إحدى المدن والتي تعرف باسم مدين داندي وصولاً إلى مدينة أخرى تعرف باسم مدينة فايف، وفي ذلك الوقت كان مرّ على إنهاء بناء الجسر عامين فقط، أي أنه حديث البناء وما زال متماسكاً وصلباً، وهو ما يمتد على طول طريق واحد من المدن والتي تعرف باسم مدينة فيرث تاي، وسقوط الجسر تسبب في إغراق واحد من القطارات التي كان يسير عليه وسقط ذلك القطار في النهر الذي يقع أسفله مما أسفر عن مقتل جميع الركاب الذين كانوا على متن تلك الرحلة.

وتلك الكارثة التي حدثت للجسر كانت واحدة من أسوأ الكوارث التي حدثت في مجال السكك الحديدية على مدار تاريخ المملكة المتحدة، وحتى يومنا ما زال الحديث مستمر حول تلك الكارثة والمأساة العظيمة، وفي كل مرة يتم ذكر تلك المأساة يتم نسب السبب الرئيسي فيها  إلى واحد من الشعراء الاسكتلنديين، حيث أنه كان ذلك الشاعر يتميز بأعماله السيئة للغاية، وعلى إثر تلك الأعمال السيئة قد حقق شهرة كبيرة وواسعة طوال القرن الماضي، وفي الكثير من الأحيان كان يطلق عليه لقب أسوأ شاعر على مر التاريخ.

وذلك الشاعر يدعى ويليام توباز ماكغوناجال، وقد كان على مدار الوقت يقوم بنظم القصائد الشعرية، وحينما يذهب إلى مكان من أجل أن يلقي به أعماله الشعرية على الحشود والجمهور، تشمئز الجماهير من قصائده وتصفها بأنها سيئة للغاية ولا تشبه القصائد الشعرية على الاطلاق لا من قريب ولا من بعيد، على الفور يتم رشقة بالبيض والأسماك الفاسدة، ومع مرور الوقت وصل الأمر بالشاعر إلى أن السلطات قد أصدرت قرار بمنعه من الظهور في الأماكن العامة، وكان يطلق على أعماله الأدبية باسم كارثة جسر تاي، باعتبارها من أسوأ ما قيل بالشعر في الأدب الإنجليزي على حد سواء.

والسبب في ربط شعر ذلك الشاعر بكارثة الجسر هو أنه كان هناك منطقة تعرف باسم مدينة فيرث أوف تاي يقيم بها الشاعر باستمرار، وقد كانت تلك المنطقة هي ما تُعتبر مدخل ساحلي طويل جداً، ولكنه على الرغم من المسافة الطولية التي يتميز بها، إلا أنه مدخل ضيق جداً، وذلك المدخل يقع على طول الساحل الشرقي لإسكتلندا، وقد تم بناء جسر سكة حديد فوق مصب أحد الأنهار والذي يعرف باسم نهر تاي وقد استمر بناء ذلك الجسر من عام 1871م وحتى عام 1878م؛ والسبب الرئيسي في بناءه كان من أجل أن يتم التقليل من ازدحام رحلات التنقل من وإلى مدينة دندي.

وطول ذلك الجسر ما يقرب من ميلين، وفي تلك الفترة كان ذلك الجسر يعتبر أنه من أطول الجسور حول العالم، والشخص الذي قام بتصميمه هو أحد المهندسين العاملين في مجال السكك الحديدة ويدعى توماس بوش، وهو من مواليد بريطانيا، وقد كان ذلك المهندس من الذين ساهموا في بناء أعداد هائلة من خطوط السكك الحديدية والجسور البارزة في جميع كافة الجزر البريطانية، ولكنه عند انهيار ذلك الجسر قد حصد شهرة سيئة واسعة، وفي الكثير من الأحيان يطلقون عليه لقب مهندس الجير الكارثي.

وفي مساء تلك الليلة التي ضربت بها العاصفة الشديدة كانت سرعة الرياح يومها قد قدرت بـ 70-80 ميل في الساعة، وقد تم قياسها من على زاوية الجسر، وكان التصميم خالي من وجود حامل للرياح، وعلى إثر ذلك أول ما إنهار كان ذلك القسم المركزي منه، والذي كان على متنه القطار الذي هلك وأهلك معه جميع الأشخاص فيه، والذي كان قدر عددهم ما يفوق السبعين شخصًا وسقطوا جميعهم في نهر تاي.

وقد كانت تلك الكارثة المأساوية بمثابة صدمة كبيرة، وقد تبين عند حدوث تلك الكارثة أن الجسر كان مفتوحًا من كلا الجانبين منذ ما يقارب العام والنصف، وعلى الفور تم فتح تحقيق حول تلك الحادثة ليتبن من خلال التحريات أن المسؤول الرئيسي في السبب في تلك الكارثة هو المهندس المصمم؛ وذلك بسبب سوء التصميم، وحينما تم إصدار ذلك القرار دمرت سمعته بالكامل ومن شدة اكتئاب المهندس وحزنه إلى كما آلت إليه سمعته توفي بعد أشهر قليلة من انتهاء التحقيق في تلك الكارثة.

وقد كان السبب في ربط القصائد الأدبية للشاعر بكارثة ذلك الجسر هو أن في الأصل ذلك الشاعر هو من مواليد مدينة أدنبرة في الربع الأول من القرن الثامن عشر، وأن والده كان ممن يعملون في مجال الحباكة اليدوية، وأن ذلك الشاعر تعلم التجارة من والده وبالفعل أبدع بها وفي فترة من الفترات على الرغم من أن الثورة الصناعية كانت قد جعلت النساجين يتقادمون ببطء، إلا أن تجارته بدأت تزدهر، وفي تلك الأثناء كان هناك حاجة للعمال المهرة من أجل القيام بأداء المهام المعقدة والصعبة.

وفي يوم من الأيام كان ذلك الشاعر يريد أن ينمي طموحه ويحققه حلمه وذلك في قبل الكارثة بعامين، والذي كان بعيداً عن التجارة وهو بأن يصبح شاعر مشهور على مستوى العالم، ومن هنا كان في كل يوم يذهب إلى ذلك الساحل الذي يمتد عليه الجسر ويقضي هناك وقت طويل من أجل نظم قصائده الشعرية، وقبل تلك الفترة كان هناك العديد من الأعمال الفنية التي ظهر بها الشاعر كممثل، إذ لعب أدوار مختلفة في مسرحيات الأدب العالمي لشكسبير، ومن أجل أن يقوم بتلك الأدوار كان هو من يقوم بدفع المال مقابل ذلك، إذ لعب در البطولة في مسرحية ماكبث.

وأول قصيدة كتبها كان لديه أسلوب مميز وبدأ في السفر والتنقل في جميع أنحاء اسكتلندا من أجل أن يعرض قصائده على المسارح، ولكن كان الجمهور يقذفه بالبيض والخضروات، ولكن ذلك الأمر لم يؤثر به واستمر في كتابة الشعر وحينما كتب قصيدة عن ذلك الجسر حدثت الكارثة الكبرى، وهذا ما جعل الجمهور في تغيير اسم القصيدة الأصلي وإطلاق عليها عنوان كارثة تاي بريدج، كما وصفوها بأنها قصيدة صماء وتم بها توظيف إيقاعات غير لائقة وجلبت الحظ السيء للجسر.

العبرة من القصة هو أنه ليس كل أمر نراه سيء ينبغي أن نربطه بحادثة وقعت في ذات الوقت، فكل الكوارث التي تحدث على سطح الأرض هي من الأمور المقدرة.

المصدر: كتاب الأدب الأوروبي من منظور الآخر - فرانكا سينوبولي - 2007م


شارك المقالة: