تعتبر المقارنة بين الدلالات والبراغماتية مهمة كبيرة جدًا ولا يوفر المقال البسيط مكانًا كافيًا لمناقشة جميع الأفكار والمفاهيم المتعلقة بالعديد من وجهات النظر المختلفة للدلالات والبراغماتية. ومع ذلك نظرًا لأن علماء الاجتماع مهتمون جدًا باللغويات فإنهم يرون المقارنة بين علم الدلالة والبراغماتية من وجهة نظرهم سيساعد هذا النهج القارئ على التركيز على جانب واحد من هذا الموضوع الواسع، والهدف من هذا المقال هو تحديد أوجه التشابه بين المجالين الفرعيين وتسليط الضوء على الاختلافات الرئيسية بين هذين المجالين الفرعيين كما تمت مناقشته في مجال اللغويات.
التشابه والاختلاف بين الدلالات والبراغماتية
أوجه التشابه بين علم الدلالة والبراغماتية
يتعامل فرعا اللغويات أي علم الدلالة والبراغماتية مع معنى اللغة وربط اللغة بالعالم، ويتعامل كل فرع مع المعنى بشكل مختلف، ومع ذلك فإن العديد من طلاب علم اللغة يخلطون بين المصطلحين، والتشابه الواضح الوحيد بين الفرعين هو أنهما يتعاملان مع معاني الكلمات والجمل ولكن بطرق مختلفة، ووفقًا لعلماء الاجتماع فإن علم الدلالات هو فرع من المعرفة يهتم بالمعنى بينما عرفوا البراغماتية على أنها فرع من المعرفة يهتم باستخدام اللغة، ومع ذلك لاحظ أن مجالات علم الدلالة والبراغماتية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض.
على سبيل المثال تتطلب بعض الفئات في علم الدلالة تطبيق البراغماتية من أجل الوصول إلى تفسير مرضٍ، فالكلمات الربانية على سبيل المثال تأخذ بعض عناصر معانيها من السياق الذي تم نطقها فيه، على سبيل المثال لا يمكن تفسير أي ضمير ما لم يتم معرفة إلى من يشير الضمير، ومن المثير للاهتمام وجود قدر معين من التوتر بين الممارسين لكل مجال فرعي، ووفقًا للبراغماتيين يقدم علماء الدلالات تفسيرات غير مرضية أو غير كاملة للألفاظ، ويتطلب التفسير الكامل لأي نطق كلاً من الدلالات والبراغماتية.
الاختلافات بين علم الدلالة والبراغماتية
الاختلافات من خلال وصف كيف يمكن التعامل مع معنى العلامات
سلطت نظرية علم العلامات من قبل العالم دي موريس عام 1938 الضوء بوضوح على الاختلافات بين فروع الدراسة هذه من خلال وصف كيف يمكن التعامل مع معنى العلامات من بعد دلالي أو بعد براغماتي، وبناءً على هذه النظرة المنطقية يمكن فهم معاني الكلمات من بعدين مختلفين، ويشير البعد الدلالي إلى دراسة علاقات الكلمات التي تشير إليها بينما يشير البعد العملي إلى دراسة العلاقة بين الكلمات والمحاورين والسياق.
الاختلافات من خلال عملية تحديد المعنى
وعلى الرغم من أن بيانكي باخ عام 1999 ذكر أن عرض الاختلافات بين الدلالات والبراغماتية من خلال تنفيذها أسهل من وصفها بكلمات واضحة، فإن بعض الأدلة تسلط الضوء على الاختلافات بين الدلالات والبراغماتية، وبادئ ذي بدء يتم تمييز إحداها من خلال عملية تحديد المعنى، ويتبنى علماء الدلالات نطاقًا ضيقًا لأنهم يتعاملون مع النص فقط ويحللون معنى الكلمات وكيف يتم دمجها لتكوين جمل ذات معنى، وفي المقابل يتبنى عمل البراغماتيين نطاقًا أوسع يتجاوز النص نفسه.
وفي الواقع فهم يأخذون بعين الاعتبار الحقائق المحيطة بالكلام مثل العوامل السياقية ومعرفة العالم المحيط بسياق الرسالة والمعنى المقصود من المتحدث واستنتاجات المستمع من أجل تفسير هذا الكلام، وبالتالي معنى الكلام هو مستقل عن السياق في علم الدلالة ولكنه يعتمد على السياق في البراغماتية، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن فهم بعض الكلمات والتعبيرات ما لم يتم وضعها في سياق، على سبيل المثال استخدام اللغة الإنجليزية للجملة لقد أصابني له معان مختلفة عند استخدامها في المحادثة اليومية.
حيث يمكن أن تعني حدث اتصال عنيف مع المتحدث أو أصبح واضحًا للمتحدث، وفي كلتا الحالتين يتطلب تحديد المعنى الصحيح لهذه الجملة معرفة السياق الذي تستخدم فيه.
الاختلافات من خلال نظرية التضمين
يمكن العثور على اختلاف آخر في نظرية السير جريس للتضمين والتي هي موجهة نحو البراغماتية، ففي الواقع ألقت هذه النظرية مزيدًا من الضوء على الخط الدقيق الذي يفصل بين الدلالات والبراغماتية، وفي هذه النظرية ركز السير جريس على نية المتحدث بنطق معين لأن المتحدث قد يرغب في نقل معنى مختلف عما تعنيه الجملة نفسها، على سبيل المثال قام ليونز هورن عام 2006 بتفصيل موقف يوصف فيه الشخص بأنه يتمتع بشخصية جيدة مما قد يعني إنه ليس جذابًا، وبالتالي يستلزم مناقشة حول شخصيته بدلاً من مظهره.
الاختلافات من حيث مناهجهم لتحليل الجمل
بالإضافة إلى هذه النظرية توضح نظريتا التعبير والوضوح أهمية وتوضيح الفرق بين البراغماتية والدلالات من حيث مناهجها لتحليل الجمل، حيث يشير التعبير إلى النطق بمجموعة من الكلمات التي تم تشكيلها بطريقة معينة لتحمل درجة معينة من المعنى المحدد بينما تشير كلمة الوضوح إلى المهمة التي تؤديها تلك الكلمات مثل المطالبة والسؤال والطلب، وما إلى ذلك.
وبعبارة أخرى الفعل التأجيري هو ما تقوله الجملة وما هو، لذلك يعادل المعنى بالمعنى التقليدي في حين أن الفعل الإنشائي هو ما تفعله الجملة عندما ينطق بها المتحدث، ونتيجة لذلك يؤدي عملاً معينًا يقصده المتحدث، وكلا هذين العملين مرتبطان بعلم الدلالة والبراغماتية على التوالي.
الاختلافات من خلال مبدأ التكوين المنسوب
يظهر اختلاف آخر مع مبدأ التكوين المنسوب إلى السير فريج، ويقدم هذا المبدأ وجهة نظر مثيرة للاهتمام تستند إلى فهم المعنى الكامل للتعبير يستلزم معرفة معاني الأجزاء المكونة له، على سبيل المثال يدخل عميل إلى مقهى حيث تجري المحادثة التالية:
العميل: هل يمكن تناول الشاي وكوب من الماء، من فضلك؟
النادل: بالتأكيد، حالاً سيدي.
ويدعي مبدأ التركيب إنه ليس هناك حاجة إلى معرفة أي شيء بخلاف السياق لفهم معنى الجمل، ويكتشف النادل معنى الجملة من خلال معرفة معنى كل عنصر معجم في تلك الجملة المعينة ومن خلال إدراك مجموعاتها بدلاً من محاولة فهم نية المتحدث أو معرفة العالم المحيط، وهذه النظرية أكثر فائدة لعلماء الدلالات لأنهم يتعاملون مع معاني الكلمات وكيف يتم دمجها لتكوين جمل.
الاختلافات من خلال العملية الإجرائية مقابل العملية المفاهيمية
لوحظ اختلاف آخر عند فحص بعض أدوات الاقتران التي لها معاني شرطية غير صادقة والتي لا يمكن تحديدها إلا إذا تم إدراجها في سياق معين، وبعبارة أخرى لا يمكن دراسة الاقترانات مثل هكذا ولكن إلا ضمن إطار عملي بدلاً من إطار دلالي، وتم تقديم تمييز آخر في مناقشات بلاك مور عام 2002 لفكرة العملية الإجرائية مقابل العملية المفاهيمية، ووفقًا لبلاك مور في العملية الإجرائية يتبع المستمع أدلة معينة في التعبيرات المنطوقة لفهم الافتراضات السياقية والتأثيرات التي يقصدها المتحدث.
ومن خلال هذه التعبيرات المنطوقة، يتم تشفير المعلومات الإجرائية بينما في العملية المفاهيمية يبني المستمع سلسلة من التمثيلات بما في ذلك الصوتيات والصوتيات النحوية والدلالات المرتبطة بقواعد لغوية مختلفة، ومع ذلك فإن البراغماتية تتضمن العملية الإجرائية مع التركيز على العلاقة بين اللغة المنطوقة والسياق الذي تستخدم فيه بينما تستلزم الدلالات العملية المفاهيمية من خلال التركيز على معنى التعبيرات.
الاختلافات من خلال القواعد والمبادئ
أخيرًا صرح دو سوسور عام 1980 إنه يمكن وضع الدلالات في مجال القواعد باستخدام نظام أو رمز لغوي بينما يمكن وضع البراغماتية في مجال البلاغة حيث يتم تنفيذ الرموز، وعلاوة على ذلك فإن الأول تحكمه القاعدة بينما الآخر يحكمه المبدأ، ولاحظ دو سوسور أن ذكر هذه المقارنة بين القواعد والمبادئ فيما يتعلق بتمييز بين القواعد التنظيمية والقواعد التأسيسية لفت الانتباه إلى فكرة أن المبدأ معياري أكثر من كونه وصفيًا، وبالتالي تمييزه عن القواعد.