تاريخ مدينة تشانغتشون الصينية

اقرأ في هذا المقال


تعتبر تشانغتشون هي العاصمة وأكبر مدينة في مقاطعة جيلين في جمهورية الصين الشعبية، تقع تشانغتشون في وسط سونغلياو، وتعد مدينة فرعية تابعة للمقاطعة، كما تتكون من سبع مقاطعات ومقاطعة واحدة وثلاث مدن، وتعني اسم المدينة في اللغة الصينية الربيع الطويل وتم السيطرة عليها من قِبل جيش كوانتونغ وأصبحت فيما بعد عاصمة لدولة مانشوكو العملية للإمبراطورية اليابانية.

تاريخ مدينة تشانغتشون

تم تأسيس تشانغتشون منذ البداية بموجب مرسوم إمبراطوري وتم اختيارها مركز تجاري صغير وقرية حدودية في عهد الإمبراطور جياكينغ خلال حكم سلالة تشينغ، وكانت تحتوي على الأنشطة التجارية ويتم التجارة بالفراء والمنتجات الطبيعية الأخرى خلال هذه الفترة، في عام 1800 قام الإمبراطور جياكينغ باختيار قرية صغيرة على الضفة الشرقية لنهر ييتونغ وسماها تشانغتشون تينغ، مع نهاية القرن الثامن عشر ميلادي  بدأ الفلاحون من المقاطعات المكتظة بالسكان مثل شاندونغ وخبي بالاستقرار في المدينة، في عام 1889 تم ترفيع القرية إلى مدينة وتسمى تشانغتشون فو.

في مايو 1898 ميلادي تم التأسيس في تشانغتشون أول محطة سكة حديد والتي كانت تقع في كوانتشنغ وتعد جزء من سكة حديد من هاربين إلى لوشون الفرع الجنوبي للسكك الحديدية الشرقية الصينية التي بنتها الإمبراطورية الروسية، خسرت روسيا الجزء الجنوبي من هذا الفرع وذلك بعد الحرب الروسية اليابانية في والتي قامت في عام 1904 ميلادي، أصبحت محطة كوانتشنغ المحطة الروسية الأخيرة في هذا الفرع، وأصبحت المحطة التالية على بعد مسافة قصيرة من المناطق الجنوبية، وأصبحت محطة تشانغتشون اليابانية الجديدة  أول محطة سكة حديد في جنوب منشوريا، والتي تمتلك الآن جميع المسارات التي تسير في أقصى الجنوب إلى لوشون.

في عام 1907 ميلادي تم توقيع اتفاقية روسية يابانية والتي نصت على استمرار مسارات القياس الروسية من محطة كوانتشنغ الروسية إلى محطة تشانغتشون اليابانية، المسارات على المقياس المعدّل بواسطة سكة حديد منشوريا الجنوبية، في عام 1910 ميلادي حدث وباء الطاعون الرئوي في منشوريا المجاورة واستمر حتى عام 1911 ميلادي، وكان يسمى باسم طاعون منشوريا، وكان يعد أسوأ طاعون رئوي تم تسجيله على الإطلاق وانتشر عبر السكك الحديدية العابرة لمنشوريا من ميناء التجارة الحدودي في مانتشولي، وكان بداية جائحة الطاعون الرئوي الكبير في منشوريا ومنغوليا.

تم من خلال معاهدة بورتسموث إنهاء الحرب الروسية اليابانية والتي شهدت نقل وتخصيص السكك الحديدية بين تشانغتشون بورت آرثر وجميع فروعها إلى اليابان في عام 1906 ميلادي، أدركت الصين وروسيا واليابان الأهمية لمدينة تشانغتشون، فقامت الحكومة اليابانية بإرسال مجموعة من المخططين والمهندسين إلى تشانغتشون لاختيار أفضل موقع لمحطة سكة حديد جديدة.

اشترت اليابان واستولت من المزارعين المحليين على الأرض التي كان من المقرر أن تُبنى عليها محطة سكة حديد تشانغتشون كمركز للمناطق التابعة للسكك الحديدية في جنوب منشوريا، ولم توافق الحكومة اليابانية على ذلك، وذلك من أجل تحويل تشانغتشون إلى مركز لاستخراج الموارد الزراعية والمعدنية لمنشوريا، وضعت اليابان مخططًا لمدينة تشانغتشون واستثمرت في بناء المدينة.

مع بداية عام 1907 ميلادي، وذلك تمهيدًا لغزو الصين واحتلالها والاستعداد لها، بدأت اليابان برنامج التخطيط والذي طرح البرامج والخصائص الاستعمارية المميزة، كان الهدف للتصميم هي بناء مدينة استعمارية عالية المستوى والعمل على تأسيس مرافق ومؤسسات بها، تم تخصيص سبعة ملايين ين ياباني وذلك من أجل التخطيط والبناء في عام 1907 ميلادي واستمرت عملية البناء حتى عام 1931 ميلادي.

تم وضع خطة وكانت عبارة عن خطة متنوعة وذلك من أجل توفير الراحة للموظفين اليابانيون العاملين في السكك الحديدية، وبناء منطقة تشانغتشون في قاعدة للسيطرة اليابانية على منشوريا بأكملها، لتوفير موقع فعال لروسيا في هذه المنطقة من الصين، تم التأكيد على أهمية المدينة وجعلها أساس للسكك الحديدية في التخطيط والبناء، في ذلك الوقت كانت الدوائر الشعاعية  متقدمة جدًا وعلمية. لقد قام بتنشيط المناظر الطبيعية الحضرية الخطيرة إلى حد كبير وتم تحديد النمط الشبكي التقليدي بوضوح.

أدت الأهمية لمدينة تشانغتشون باعتبارها تابولا لبناء مفاهيم جديدة وشاملة للبيئة، قام اليابانيون باستخدام المدينة كمختبر عملي لإنشاء بيئتين حضارتين متميزتين مثاليتين، وكان كل منهما مناسب لعصر معين، في عام 1906 ميلادي أصبحت مدينة تشانغتشون مدينة رئيسية للسكك الحديدية نظم اليابانيون من خلالها إمبراطورية غير رسمية، وعند عام 1932 ميلادي أصبحت المدينة موطنًا لعاصمة آسيوية جديدة عظيمة، وكان هناك تناقضات الواجهات في المدينة والعاصمة، جنبًا إلى جنب مع مواقف الدولة التي أيدوها، حاولت الأساليب المتغيرة للتخطيط والعمارة باستمرار تمثيل الحكم الياباني باعتباره تقدميًا  ومفيدًا وحديثًا.

تم اقتراح تطوير مدينة تشانغتشون بالإضافة إلى كونه مدفوعًا بنظام السكك الحديدي ، وكانت تلك الفترة مهمة للثقافة المعمارية الحديثة في شمال شرق الصين، مما يعكس مساعي التصميم الحضري الياباني ويكشف عن طموح تلك المقاطعة لغزو واحتلال الصين. تم تطبيق العمارة والثقافة اليابانية على نطاق واسع في مانشوكو لتسليط الضوء على الوضع الخاص لدول الدمى اليابانية، من الواضح أن التخطيط الحضري ينبع من ثقافة، سواء كانت عدوانية أو إبداعية، تعتبر عملية التخطيط والبناء في تشانغتشون مثالاً جيداً على ذلك التخطيط.

بدأت مدينة تشانغتشون بالتوسع بسرعة حيث كانت نقطة التقاء بين سكة حديد جنوب منشوريا المملوكة لليابانيين والسكك الحديدية الشرقية الصينية التابعة لروسيا، في عام 1932 ميلادي تم تأسيس عاصمة مانشوكو، والتي كانت عبارة دولة دمية تحت حكم اليابان في منشوريا، في تشانغتشون تم تغيير اسم المدينة بعد ذلك إلى هسينكينج، أقام الإمبراطور بويي في القصر الإمبراطوري والذي أصبح متحف قصر ولاية مانشو الإمبراطورية، خلال فترة مانشوكو شهدت المنطقة عمليات قمع وحروب شديدة ضد السكان المدنيين والتجنيد الإجباري والعمل وغيرها من الأعمال الوحشية التي رعتها الحكومة اليابانية، في ذلك الوقت حدث التصنيع والعسكرة بسرعة.

كانت مدينة هيشكنك عبارة عن مدينة جيدة التخطيط وتم تأسيس الطرق فيها وتم تنمية الطرق وإنشاء عدد من المصانع الاقتصادية وقد ساعد ذلك على تنمية الاقتصاد فيها، كانت مدينة هسينكينغ هي المدينة الوحيدة الواقعة تحت المراقبة المباشرة  في مانشوكو، وتم دمج هاربين في نطاق ولاية مقاطعة شينجيانغ، مع بداية عام 1932 ميلادي بدأت عملية قسم التفتيش في سكة حديد جنوب منشوريا في وضع خطة حضرية.

لعل الأهمية الكبيرة للمدينة هو وجود سكة الحديد فيها والذي ساعدها ذلك على جعلها مدينة ذات أهمية اقتصادية منذ القدم وتعرضت للصراعات والغزوات على مر العصور، كما وقعت تحت حكم اكثر من سلالة صينية وتعرضت للهجوم الياباني وقام الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية بتدميرها.


شارك المقالة: