من هو الإله أوزيريس
كان أوزيريس إلهاً للزراعة في العصر الفرعوني وتسيّد على المزروعات والنباتات، وهو من مدينة بوزيريس التي تقع في وسط الدلتا وتعني (مقر أوزيريس)، وكان من قبله إلهاً آخر استوعب هذا المكان وهو (عنجتي) الذي يتخذ ملامح إله وملك يحتفظ بشعارات العاهل الملكي، وكما يتبيّن بأنه هو من أضاف على أوزيريس هذه الصفة الملكية، وكانت شخصية الإله القوية قد جمعت العديد من المعبودات من حولها.
تعددت الأماكن التي يتم فيها بادة الإله أوزيريس وانتشرت وبالتدريج استوعب مقومات الآلهة التي حلّ محلها أو أصبح شريكاً لها وهذا ما زاد من ثراء شخصيته وتنوعها، ومن الأمثلة على ذلك: الإله عنجتي، والإله سوكو في منف، التاسوع العظيم في هليويوليس، وكل ذلك جاء نتيجة لحل وسط بين معبودين على القدر نفسه من التأثير والنفوذ.
يصور الإله أوزيريس على هيئة إنسان يرتدي رداءً محبوكاً شديد الالتصاق وأكمام مكشوفة تظهر منه الأيدي حاملةً شعاريّ الملك وهما الصولجان والسوط، كما يضع على رأسه تاجاً عالياً أبيض اللون تكتنفه أحياناً ريشتان كبيرتان، أما عن لون بشرته فهي سوداء أحياناً ولكن غالباً لونها أخضر وهذان اللونان يرمزان إلى تجدد الحياة واستعادتها.
أسطورة أوزيريس
مع مرور الوقت تكونت أسطورة حول الإله أوزيريس قائمة على توحيد السمات المستمدة من مختلف المشارب، ولكن ما كان أقرب إلى الصواب والتصديق أنها نهلت الجانب الأكبر منها من أسطورة شعبية وهي حكاية خيالية تتسم بنزعة إنسانية عميقة، كانت النسخة المصرية منها والتي وردت في متون الأهرام تسرد وقائع أكثر إيجاز مقارنة بكل الحكايا التي دونّت في الأزمنة المتأخرة، ومثال عليها القصة في عصر اليونان والتي تحمل اسم (إيزيس وأوزيريس) للمؤلف بلوطارخوس.
النسخة القديمة من الأسطورة
كان أوزيريس بن جب ونوت ملكاً صالحاً يعلّم البشر كيفية الزراعة للكروم والفنون، لكن كان له أخوة واسمه ست ينظر إليه بحسد وكره مما جعله يتآمر عليه ويقتله وقام بوضع جثته في نهر النيل، وكان له أختان حزنا كثيراً على موته وهذا ما جعل الآلهة يعتريه الحزن والأسى.
بدأت الأختان رحلة بحث عن جثة أوزيرس ونجحا في إيجادها قبل أن تتحلل وتتعفن فقامت الأم بجمع عظامه وربطها ووضعت القلب في مكانه وكل ذلك دلالةً على ميلاد جديد ثم يعيد له الإله رع روحه من جديد، وعلى هذا النحو يؤمن حياته الجديدة تأميناً كاملاً ونهائياً.
النسخة الأحدث من الأسطورة
بدأت الأسطورة في التطور والازدياد وأضافت أن أوزيريس ون نفر وريث جب وملك الأرض قد أعطى البشر الحضارة ولكن أخوه ست دب الذي يملأ قلبه الحسد فتآمر عليه هو واثنان وسبعين شخصاً من المتواطئين، قاموا بصناعة صندوق على حجم أوزيريس وكان جماله لا يوصف وتم إحضاره للقصر في الوليمة، ووعد ست بإهداء الصندوق لمن يستطيع التمدد في داخله وكان أوزيريس الوحيد القادر على ذلك.
عندما تمدد أوزيريس داخل الصندوق هجم الجميع وأغلقوه عليه وصبوا الرصاص من فوقه ورموه في نهر النيل، وبدأت الأختان تنتحبان وتبحثان عن الصندوق ونجحت زوجته إيزيس في ذلك فوجدته على ميناء بييلوس وأعادته إلى مصر، ولكن عندما اكتشف ست الخبيئة قطع الجثة إلى أربع عشرة قطعة وبعثرها في ربوع مصر وانطلقوا في رحلة بحث أخرى لجمع قطع الجسد المقدس وأوفد لهم رع إله السحر تحوت ليقدم لهما العون.
تحدثنا في هذا المقال عن إحدى الأساطير التي انتشرت في عهد الفراعنة وهي أسطورة الإله أوزيريس وكل ما تعمقنا أكثر في قصص الفراعنة كلما زادت دهشتنا ورغبتنا في إكمال ما يخفيه هذا العصر.