اقرأ في هذا المقال
مفهومي الثقافة والتنمية المستدامة:
تعد الثقافة المركز الوجداني في حياة الجماعات والأمم في جميع أنحاء العالم، وإن كانت التنمية تعمل بشكل جوهري على تدعيم مستويات العيش المشترك بين الناس، والنهوض بحياة الأفراد في المجتمع، فإن الجهود التنموية لا يمكنها أبداً أن تنفصل عن التكوينات الثقافية للمجتمع، فالثقافة تلعب دوراً محورياً في العملية التنموية، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان من المفكرين أو الباحثين في الميدان التنموي المعاصر.
ومن الفطنة أن الباحثين يدركون اليوم وأكثر من أي وقت مضى القوة الهائلة للثقافة بوصفها حاضناً طبيعياً للرموز والقيم والشعور بالانتماء والهوية، وقد برهنوا في كثير من الدراسات والأبحاث قدرة الثقافة على إضافة أبعاد جديدة مميزة وفعالة في مجال الحياة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات المعاصرة.
إن الحصول على مبدأ الاستدامة أولاً يتمثل بشكل عظيم في عملية الاستخدام الصحيح لموارد المنطقة، فإن الثقافة يجب أن تكون منتشرة بشكل كبير في صلب الاستراتيجيات، لأن الثقافة تشكل المكان الأساسي للعلاقات الاجتماعية بين الأفراد، كما تشكل المنظم الحيوي السلوكي لعلاقاتهم بالبيئة والموارد الطبيعية التي تحيط بهم.
ومن المعروف والشهير اليوم عبر التجارب العالمية أن المبادرات والمناهج الإنمائية التي تأخذ الثقافات المحلية في الحسبان تحقق مزيداً من النجاح والتفوق في تحقيق الأهداف التنموية المرجوة. وهذا يعني في النهاية ضرورة إدماج الثقافة في السياسات والبرامج التنموية من أجل تحقيق الاستدامة التنموية والنهوض الحضاري بالمجتمع.
العادات التقليدية القديمة وعلاقتها بمفهوم الثقافة والتنمية:
ولهذا السبب، فإن التقاليد القديمة التي تتعلق بإدارة الموارد البيئية واستعمالها، بما في ذلك تقنيات المباني، تتجه إلى أن تكون خضراء، أي محافظة على البيئة بوجه عام في تصاميمها، وهي بذلك تجسد نمطاً أكثر استدامة من حيث استخدام الأراضي واستهلاكها وإنتاجها.
وهذه العادات الثقافية تسهم أيضاً في انتشار الأمن الغذائي والوصول إلى المياه، وذلك كله يأتي استناداً إلى المعارف والممارسات التي تطورت على مدى قرون من التكيف البيئي للإنسانية، ومن هنا فإن أي سياسة محلية تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة، ويجب عليها بالضرورة أن تأخذ بعين الاعتبار الخبرات الثقافية المتراكمة وأن تستفيد من التجارب الحيّة للمجتمعات الإنسانية.