كان علي بن أبي طالب من عائلة هاشم ابن عم النبي محمد والخليفة الرابع، اشتهر بأنّه محارب وغالباً ما كان يقود جيشه إلى المعارك، كان من أوائل الذين اعتنقوا الإسلام، تزوج علي بن أبي طالب من فاطمة ابنة الرسول، كانت علاقته بالرسول عليه الصلاة والسلام خاصة، يتجلى ذلك في حقيقة أنّ النبي أشار إليه ب”أخي” في عدّة مناسبات.
من هو الخليفة علي بن أبي طالب؟
قضى علي بن أبي طالب الكثير من فترة ولايته في تنظيم الإمبراطورية خلال الحرب الأهلية الأولى للإمبراطورية الإسلامية أو الفتنة الأولى، فصيل من المجتمع الإسلامي المعروف باسم المسلمين الشيع، يعتبره الوريث الشرعي الوحيد للنبي محمد والأول في سلسلة طويلة من قادتهم الروحيين أو أئمّتهم، أمّا المسلمون السُنّة فهم فصيل آخر داخل المجتمع ويحظون بوقار خاص.
لكنّهم ينظرون أيضاً إلى أسلافه الثلاثة، أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان كقادة شرعيين على قدم المساواة في المجتمع المبكر، يطلقون بشكل جماعي على الأربعة اسم الخلفاء الراشدون، أصبح علي متشابك بعمق في الحركة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث شغل منصب نائب ومبعوث النبي وأصبح أحد أكثر مرؤوسيه ثقة.
ولد علي بن أبي طالب في مكة داخل الحرم الشريف للكعبة عام 601 ميلادي، كان ابن زعيم عشيرة هاشم أبو طالب بن عبد المطلب عم النبي محمد، لقد قام والده بتربية النبي الذي تيتَّم في سن مبكرة كأنّه ابنه، نشأت علاقة مماثلة بين النبي وعلي بن أبي طالب منذ سن مبكرة، أقام علي بن أبي طالب علاقة قوية مع النبي محمد الذي أخذه إلى بيته، في عام 610 ميلادي عندما أعلن محمد نبوته كان علي من أوائل الأشخاص الذين قبلوا العقيدة الجديدة، ظلَّ مخلصاً له حتى في أسوأ المواقف.
توفي والد علي بن أبي طالب في عام 619 ميلادي، فلم يتبقَّ سوى النبي محمد كشخصية أبوية في حياة علي بن أبي طالب، التقى القمع العنيف على أيدي المكييّن، هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة عام 622 ميلادي، الرسول نفسه رحل فيما بعد مع صديقه أبو بكر الصديق، بقي علي بن أبي طالب في الخلف ليعيد للناس ممتلكاتهم التي عهدوا بها إلى النبي لحفظها.
أصبح علي بن أبي طالب متشابك بعمق في الحركة الإسلامية في المدينة المنورة، حيث شغل منصب نائب ومبعوث الرسول، اشتهر علي بن أبي طالب كثيراً بحكمته التي يضرب بها المثل، لدرجة أنّه اشتهر باسم بوابة المعرفة، بسبب التعلّم من النبي، أصبح أحد الأشخاص المحوريين في معالجة الاستفسارات، مع ذلك فإنّ مآثره في المعركة هي المسؤولة عن جلب الشهرة إليه، فقد أكسبته شجاعته لقِّب يأسد الله.
شارك علي بن أبي طالب في كل معركة كبرى في بداية التاريخ الإسلامي كحامل لواء جيشه، عشية معركة بدر المعركة الأولى ضد المكّيين، قيل أنّه قتل عدة معارضين بمفرده، حيث عانى المسلمون من هزيمة لاذعة فوقف علي إلى جانب النبي الذي تعرّض للأذى، كما خاطر بحياته أثناء قيامه بدور حارس النبي ونام في سريره تضحيةً له، هذه ليست سوى حفنة من الروايات التي تثمن شجاعته وتفانيه للإسلام ومهارته في المعركة.
الصعود إلى السلطة:
حكم عثمان بن عفان قبل علي بن أبي طالب لأكثر من عقد من الزمان، لكنّه اعتمد بشدة على أقاربه من عشيرة الأميّة، بحلول النهاية واجه تمرُّد مفتوح وقُتل على يد جنود المتمردين في عام 656 ميلادي، بعد مرور أكثر من عقدين من الزمان على وفاته، ترقّى علي بن أبي طالب إلى العرش باعتباره الخليفة الرابع للإسلام، عند توليه المنصب سعى الخليفة علي بن أبي طالب إلى استعادة النظام.
حيث قام بطرد العديد من حكام المقاطعات وكان معظمهم فاسدين، فقد عينهم عثمان بن عفان الذي فقد السيطرة عليهم لاحقاً بينما انحنى البعض أمام جبروت الخليفة الجديد، تسبب مقتل عثمان بن عفّان في حدوث انقسامات عميقة في المجتمع، حيث طالب أقاربه من عشيرة الأمية وعلى الأخص حاكم سوريا معاوية بن أبي سفيان بالعدالة، لقد رفضوا قبول أي شيء أقل من العقوبة النموذجية لمهاجميه، تمّ عرض قميص الخليفة المتوفى عثمان بن عفان الملطّخ بالدماء، علانية في مسجد دمشق لكسب التأييد لقضية الخليفة الراحل.
نفس المطالب قدِّمت من قبل عائشة زوجة الرسول والعديد من المسلمين البارزين الآخرين، مثل طلحة والزبير، تخلّى الثنائي الأخير عن دعمهما لعلي بن أبي طالب بعد حرمانهما من محافظي الكوفة والبصرة على التوالي، ظلَّ أعداء عثمان بن عفان الذين جاؤوا الآن لدعم علي بن أبي طالب، مصرين على أنّ عثمان بن عفان قُتل بشكل عادل، بينما ادعى أنصار عثمان بن عفان أنّ مقتله كان عمل قاسٍ وطالبوا بالعدالة.
سرعان ما تحول هذا الجدل الساخن إلى حرب أهلية دامية، كان عدم قدرة علي بن أبي طالب على تحقيق العدالة في قضية عثمان بن عفان ظرفية، فلم يكن قادر على أن تكون له انتفاضة أخرى، خاصة عندما كان هؤلاء المرتدون في أقوى حالاتهم، اجتمعت الأطراف المتعارضة في البصرة بالعراق ودفع القادة العقلاء من كلا الجانبين للمفاوضات، التي سرعان ما أصبحت عقيمة واندلعت حرب مفتوحة، لم يرغب علي بن أبي طالب في تلطخ يديه بدماء المسلمين.
الشؤون الداخلية في خلافة علي بن أبي طالب:
كانت الكوفة وهي مدينة عسكرية عراقية بُنيت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، مركز دعم علي بن أبي طالب، ممّا دفعه إلى تحويل عاصمته إلى تلك المدينة في يناير 657 ميلادي، بعد فترة وجيزة من انتصاره بالقرب من البصرة، كانت هذه الخطوة مثيرة للجدل إلى حد كبير، حيث كانت المدينة المنورة مقر سلطة الرسول ومثواه الأخير، تمّ التحول في الغالب لأسباب سياسية مثل طلب الدعم وللحكم على الإمبراطورية من موقع مركزي، أيضاً لحماية المدينة المنورة من فوضى الحرب الأهلية التي تلت ذلك.
سعى علي بن أبي طالب لإعادة السيطرة المركزية على المحافظات، كذلك توزيع إيرادات الدولة بالتساوي بين الناس، موقفه الصارم من مكافحة الفساد على الرغم من أنّها سمة قيّمة أصبحت عقبة أمامه؛ لأنّ هذا قلل من دعمه، تحدى حكام المقاطعات الرئيسية الذين نصبهم عثمان بن عفان سلطة الخلافة، كانوا يخزنون الأموال لاستخدامهم الشخصي، رفض علي بن أبي طالب قبول هذا الأمر، ممّا جعل أولئك الذين كانوا يتمتعون بالحصانة حتى الآن تحت قيادة عثمان بن عفان أعداء له.
الموت والعواقب:
وضع معاوية أُسس النظام الملكي المؤسَّسي في الإمبراطورية الإسلامية التي تجسدها الأسرة الأموية، لقد تحول الخوارج المتعصبون إلى خطر وكان يجب التعامل معهم، أطلق علي بن أبي طالب العنان لقوته العسكرية على هؤلاء الخونة وألحق بهم هزيمة ساحقة عام 659 ميلادي في معركة النهراون، مع سحق براعتهم العسكرية لجأ الخوارج إلى الحركات السرية لتحقيق أهدافهم، لقد ضربوا الخليفة بسيف مسموم عام 661 ميلادي، بينما كان يصلي في الجماعة.
كان القتلة الخوارج قد استهدفوا معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص أيضاً، لكنّ كلاهما نجا من الموت، بعد وفاة الخليفة وقف معاوية بن أبي سفيان المنافس الأقوى للخلافة، عندها كشف عن خططه لتولي العرش، سارع أنصار علي بن أبي طالب إلى رفع حسن ابنه البكر إلى مقعد الخلافة، لكن معاوية أجبره على التنازل عن العرش مقابل معاش تقاعدي مرتفع.