الفعل الاجتماعي عند ماكس فيبر في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


الفعل الاجتماعي عند ماكس فيبر في علم الاجتماع:

لقد عرف ماكس فيبر علم الاجتماع بأنه، ذلك العلم الذي يريد الوصول إلى معرفة تفسيرية للفعل الاجتماعي، من أجل التوصل إلى تفسير علمي لمجرد هذا الفعل وأثاره.

والفعل الاجتماعي حسب تعريف ماكس فيبر، والذي يجب أن يكون موضوع دراسة علم الاجتماع هو أي سلوك إنساني، يضفي عليه الفاعل مفهوماً ذاتياً، والفاعل حين يقوم بهذا الفعل الاجتماعي، فأنه يضع سلوك الآخرين دائماً في اعتباره، ويكون فعله بالتالي موجهاً نحو الآخرين.

وقد أخذ في عين الاعتبار ماكس فيبر أن وحدة التحليل الرئيسية للمجتمع، هي الفرد الفاعل ويقول في ذلك، إن علم الاجتماع التحليلي يعتبر الفرد وفعله هو الوحدة الرئيسية أو الذرة، فالفرد هو الشيء الوحيد الذي لديه سلوك له معنى، أما المفهومات الأخرى مثل الدولة أو الرابطة أو الإقطاع فإنها تدل إلى فئات محددة من التفاعل البشري، وعلى هذا فإن مهمة علم الاجتماع هي اختزال مثل هذه المفهومات إلى فعل يمكن معرفته، أي إلى أفعال الأفراد المشتركين في النشاط.

وقد أقام فيبر نظريته على أساس التمييز بين أربعة أنماط أساسية من الفعل الاجتماعي هي، الفعل العقلاني الذي يرتبط بهدف ما، والفعل العقلاني الذي يرتبط بقيمة ما، والفعل الوجداني أو العاطفي، والفعل التقليدي.

والفعل العقلاني الذي يرتبط بهدف ما، يتصف بأن الفاعل فيه يدرك بوضوح هدفاً معيناً يريد تحقيقه، وتكون لديه أساليب مناسبة لتحقيق هذا الهدف، ومثال هذا النوع من الأفعال ما يقوم به المهندس الذي يصمم بناء معيناً، أو الشخص المضارب في سوق الأوراق المالية، الذي يهدف إلى تحقيق مكسب مالي، أو القائد الحربي الذي يريد أن يحقق نصراً ما، أفعال هؤلاء جميعاً أمثلة على الأفعال العقلانية التي ترتبط بتحقيق هدف معين.

أما الفعل العقلاني الذي يرتبط بقيمة ما، فهو ذلك الفعل الذي لا يهدف إلى تحقيق هدف خارجي معين بالنسبة للفرد بقدر ما يهدف إلى التمسك بقيمة معينة، لها أهمية عظمى عند الشخص، ومثال ذلك الفعل ما يقرره قبطان السفينة من ألا يدعها تغطس وحدها، بل ينغمس معها، أو حين يشترك شخص ما في مبارزة يعلم أنه سيقتل فيها، أما ما يعرفه ماكس فيبر الفعل الوجداني أو العاطفي فهو ذلك الفعل الذي يأتي عن حالة عاطفية أو نفسية مباشرة للفرد، مثال ذلك حين تصفع الأم طفلها ﻷنه أتى سلوكاً سيئاً أو حين يضرب أحد لاعبي الكرة زميلاً له في المباراة، هذه الأفعال أفعالاً وجدانية وليست أفعالاً عقلانية، ﻷنها ليست موجهة إلى هدف ولا مرتبطة بقيمة، ولكنها عبارة عن ردود أفعال عاطفية للفاعل الذي يجد نفسه في ظروف معينة.

أما الفعل التقليدي فإنه ذلك الفعل الذي تمليه التقاليد، والعادات الجمعية والإيمائيات، والفاعل في هذه الحالة لا يأتي فعله من أجل تحقيق هدف ما، أو ﻷفكار تم له اكتسابها من خلال عملية التطبيع الاجتماعي.

الأنماط المثالية عند ماكس فيبر في علم الاجتماع:

تعتمد كل نظرية ماكس فيبر على هذا التصنيف للفعل الاجتماعي أو على ذلك التنميط، والتنميط له أهمية خاصة في نظرية ماكس فيبر فقد رأى أنه لكي نتمكن تحيل الظاهرات الاجتماعية، وهي موضوع علم الاجتماع لا بدّ أن تكون لدينا أداة تقوم بالتحليل على أساسها تسهل لنا عملية المقارنة بين هذه الظاهرات وبعضها البعض، وهذه الأداة هي ما أسماه فيبر بالنماذج أو المثالية الخاصة.

فالأربعة أنواع من الأفعال الاجتماعية، تمثل نماذج مثالية أو خالصة للفعل الاجتماعي، بمعنى أنها لا توجد في الواقع بهذه الكيفية، ولكنها مجرد تصورات عقلية مستمدة من الواقع فعلاً ولكنها لا توجد فيه بهذه الكيفية، وقد انطلق فيبر بعد تفريقه للفعل الاجتماعي إلى تفريق جميع الظاهرات في المجال الاجتماعي، فقد فرقّ بناء على ذلك مثلاً، أنماط السلطة أو السيطرة فرأى أن هناك سيطرة أو سلطة عقلانية وسلطة تقليدية وسلطة كاريزمية.

كما أن تصنيف المجتمعات، وكذلك تخمّنه لمراحل التطور التاريخي للمجتمعات الغربية قد اعتمد أيضاً على تصنيفه للفعل الاجتماع، فالصفة الرئيسية للعالم الذي عاش فيه ماكس فيبر، كما يقول هي صفة العقلانية أو الأفعال العقلانية التي تتصل بتحقيق الغاية، والمشروعات الاقتصادية، في النظام الرأسمالي هي مشروعات عقلانية، كما أن سيطرة الدولة على المجتمع تكون أيضاً سيطرة عقلانية من خلال البيروقراطية.

المصدر: أصول البحث الاجتماعي، عبد الباسط حسن.علم الاجتماع الريفي، غريب سيد أحمد.محاضرات في تصميم البحوث، محمد سعيد فرح.مناهج البحث العملي، محمد الجوهري.


شارك المقالة: