النظرية البنائية الوظيفية عند تالكوت باسونز

اقرأ في هذا المقال


النظرية البنائية الوظيفية عند تالكوت باسونز:

يقول جدنز في مقاله (القوة في أعمال بارسونز)، “لقد واجه بارسونز هجوم شديد ﻹهماله البحث في مواضع تتعلق بالصراع والقوة، ولذا فإن طروحاته كانت يمكن أن تكون أكثر غناءً لو أن بارسونز أعطى بعضاً من أحدث كتاباته، وخصصها في موضوع القوة والظواهر المتصلة بها، الأمر الذي يبيّن غيابها عن مسرح الأحداث بالرجوع إلى مؤلفاته الضخمة”.
لقد خمن بارسونز القوة باعتبارها علاقة، يكون الربح فيها محتملاً للطرفين، ولذلك فقد عاب على كافة الطروحات، التي تفترض ربح أحد الطرفين وخسارة الآخر، ومن ذلك نقده لصفوة القوة عند مليز، التي قلل من قيمتها ووزنها واعتبرها فكرة غير سليمة ومنفردة الطرف حول طبيعة القوة، ولكن كما هو مبيّن يبتعد عن فكرة بارسونز القديمة، أن إنجاز الربح بالنسبة لكلا العلاقة، لا يعني أن العلاقة متساوية، أو متوازنة، أو أن الاستغلال من قبل القوي للآخر الضعيف لا يجري فيها.
فالقوة عند بارسونز، بمثابة طاقة توليدية تخدم القيام بالعهود الملزمة، من ناحية الوحدات في منظمة ذات تنظيم جماعي، وذلك عندما تكون هذه العهود شرعية بالرجوع إلى توجيهها نحو الأهداف الجماعية، ويقصد بارسونز، بالعهود الملزمة، ما يقع بين الذين يمارسون القوة ومن تمارَس عليهم القوة من اتفاقات، حيث تتصل عادةً بشرعية أصحاب القوة في إطار العلاقة القائمة.
في أغلب أعماله استعمل بارسونز تعريفاً وظيفياً للقوة ، باعتبارها آلية لخدمة المصالح الجماعية، ففي مقاله (نظرية التدرج الاجتماعي)، يعني بالقوة بأنها الجهود الحقيقية لوحدة النسق على إنجاز مصالحها، وفي مقاله (توزيع القوة في المجتمع الأمريكي)، يعرفها بأنها إمكانية أو تسهيل، من أجل أداء وظيفة في المجتمع أو نيابة عنه، وفي مواضيع عديدة يعرفها بأنها استطاعة النسق الاجتماعي على تحقيق وإنجاز الأشياء المرتبطة بالمصلحة العامة أو الجماعية.
بصورة أكثر وضوحاً، يثبت بارسونز في كتابه النسق الاجتماعي، أنه يتبع هوبز في ما دعاه مشكلة القوة مع تعديل واحد عليه، وهذا التعريف، هو الوسائل الراهنة التي يمتلكها الإنسان لتحقيق أي خير مستقبلي.
يوضح بارسونز أن القوة تعتمد على ثلاثة شروط فيما يتعلق بفاعليتها وهي:

أولاً: نطاق وامتدادية علاقات التبادل النسقية، وهذا يعني أن نطاق القوة على مستوى الممارسة يتصل بنطاق العلاقات المتصل بها والمتوغلة فيها، والعلاقة بينهما علاقة طردية.

ثانياً: مدى تشكل توجه عمومي داخل النسق يُمكّن القوة من تجاوز مجموعات خاصة من العلاقات، وهنا تتصل القوى بمستوى الاتفاقات المشتركة والشرعية.

ثالثاً: درجة فاعلية أو قوة وعنف الوسائل، والمسألة هنا ترتبط بالقدرة على الضبط والسيطرة.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: