أوضاع شبة الجزيرة العربية

اقرأ في هذا المقال


نبذة عن شبة الجزيرة العربية:

يطلق اسم شبه الجزيرة على الأرض التي تحيط بها المياه من جهات ثلاث. وشبه الجزيرة العربية مساحة واسعة من الأرض فهي تشمل الصحاري والوديان والسهول والجبال. ويشغل نجد أكبر مساحة في شبه الجزيرة العربية، وهو يشمل الأراضي الممتدة من قريات الملح شمالاً إِلى وادي الدواسر جنوباً، ومن حدود الأحساء شرقاً إِلى حدود الحجاز غرباً، ويختلف المناخ في هذه المساحة الشاسعة حرارة وبرودة ويغلب على نجد الجفاف وتكثر الآبار والمياه الجوفية في بعض المناطق مثل منطقة الرياض، ومنطقة القصيم.

والطبيعة في بعض الأماكن من نجد قاسية، ولعل شدتها كانت سبباً في حروبها الكثيرة والنزاعات بين القبائل قبل قيام الدولة السعودية. ونجد بلاد كبيرة تتركز قبائلها في الأماكن التي بها عيون وآبار وقد فرض هذا الواقع الجغرافي الفردية السياسية التي كانت طبيعتها مميزة في نجد قبل توحيد الدولة السعودية لها؛ إِذ كان نظام الحكم قبيلي يتمتع فيه شيخ القبيلة بالسلطة الأبوية على أفراد قبيلته وكان للعرف والتقاليد أكبر الأثر في توفير السلطة لشيخ القبيلة فلم يكن لديه من المؤسسات، ولا من القوة المادية ما يحكم به، وإِنما هي سطوة الأعراف والتقاليد.

والتاريخ الديني لشبه الجزيرة العربية قبل الإِسلام يدل عن أنّ معظم القبائل فيها كانت على الوثنية، وكانت عبادة سكانها لأصنام سموها بنات الله واتخذوها آلهة لهم. فقد كانت قبائل بني كلب ومرة تعبد ودا، وهو صنم كان في دومة الجندل، وكانت قبيلة ثقيف تعبد اللات وهي صخرة بيضاء في مدينة الطائف وكانت العزى شجرة قديمة قدسها العرب في بلدة نخلة الشامية قرب مكة وإِلى شمالها تعظمها قريش وبعض القبائل، وإِلى جانب ذلك عظمت كنانة وهذيل صنم سواع في دار قريبة من مكة.

بينما كان صنم يغوث من الأصنام التي تعبد في شمال اليمن، وكان صنم مناة يعبده الكثيرون من الأوس والخـزرج وسكان المدينة قبل الإِسلام، إلى غير ذلك من الأصنام التي كانت موجودة في مواضع كثيرة من شبه الجزيرة قبل ظهور الإِسلام كان الغالبية من سكان شبه الجزيرة من البدو أو من أنصاف الحضر، قبائل صغيرة أو كبيرة تنقسم إِلى أفخاذ وبطون وتدخل في أحلاف مع بعضها كحلف تميم أو غطفان وهوازن.

ولم تكن العلاقات بين القبائل تخلو  من الحروب بينهم، ولكنها كانت تتساند في حماية بعضها البعض من الدخلاء، وهكذا كان وقوفها ضد الإِسلام في بداية أمره ولكن لما دخلت القبائل الكبرى، مثل غطفان وهوازن وتميم في الإِسلام، استسلمت القبائل الأخرى ودخلت الإِسلام.

أوضاع شبة الجزيرة العربية قبل الإسلام:

كانت طرق التجارة تربط بين القبائل وتيسر حياتها فيما تحتاجه من زاد وكانت هذه الطرق تربط بين القبائل والعالم الخارجي، فلم تنقطع القبائل العربية قبل الإِسلام عن الاتصال بالعالم الخارجي. لقد قضى الله أن يكون أول بيت وضع للناس للعبادة في أرض شبه الجزيرة العربية، ولم تكن أرض شبه الجزيرة لتلفت أنظار الناس لولا مـا سبق في الكتاب من فضل الله عليها وعلى أهلها.

وحين أراد إِبراهيم  عليه السلام أن يسكن ذريته في أرض شبه الجزيرة  في وادي غير ذي زرع، توجه عليه السلام وزوجه هاجر وابنه إِسماعيل  وكان رضيعاً إِلى ذلك الوادي القريب من بيت الله الحرام وفي مكة المكرمة رفع إبراهيم، وإِسماعيل عليهما السلام القواعد من البيت.

إنّ شبه الجزيرة العربية بسبب وجود البيت الحرام على أرضها، وهو أول بيت وضع للناس في الأرض للعبادة مكانة في التاريخ الديني ولم تلاحظ شبه الجزيرة ولم ينل أهلها في تاريخ الحضارة أو العمران ما نالته مناطق أخرى وشعوب وأمم عديدة في التاريخ القديم، مثل المصريين والإِغريق والفرس والروم، من مكانة في التاريخ الإِنساني. وكان لجغرافية شبه الجزيرة أثر كبير في ذلك، فهي تتكون من صحاري شاسعة

إنّ الزراعة اللازمة لتكوين الاستقرار وبداية للحـضارة لا تعتمد على الأمطار أو الآبار فقط؛ ولذلك لم تلفت شبه الجزيرة العربية في غير تاريخها الديني الأنظار، ومن المعروف أنّ الهجرة كانت تنبعث منها إِلى ما حولها. وقد مدت إِمبراطوريتا الفرس والروم نفوذهما إِلى أطراف شبه الجزيرة قبل الإِسلام، فقامت فيها دولة المناذرة ودولة الغساسنة. وقد تأثر الوضع الديني في شبه الجزيرة بذلك، فكانت المسيحية منتشرة بين قبائل العرب التي سكنت بلاد الشام وشمالي شبه الجزيرة، مثل قبائل كلب وبكر وتغلب.

كانت أكبر القبائل النصرانية كانت قبيلة غسان، وما تبعها من قبائل وكانوا يسمون نصارى العرب أو عرب الروم. على أنّ المسيحية التي عرفها العرب في شبه الجزيرة كانت سطحية إِذ لم يعرف لها كنائس أو أحبار أو قساوسة، وإِن كانت هناك كنائس صغيرة كانت تسمى قليس أو قلس. ذلك ما كان عليه العرب وقبائلهم قبل الإِسلام في شبه الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي.

وعندما نشير إلى الناحية السياسية لم يكن يوجد هناك سلطة سياسية واحدة، ولا نظام للحكم واضح المعالم، كما كان في الإِمبراطوريات التي سيطرت على تخوم شبه الجزيرة وأطرافها، وأقامت ممالك تابعة لها. كان الحكم قبلياً، ولم يكن هناك ما يوحد هذه القبائل، بل لم يكن هناك من يستشرف الوحدة بينها، فكانت المنازعات والغارات متبادلة ولم تساعد شدة الحياة ومتاعبها على نشوء حضارة عمرانية إِلا في مناطق قليلة من شبه الجزيرِة، لاسيما فيأطرافها،

ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه كانت هناك أمة واحدة  عربية في أهدافـها في شبه الجزيرة، تلك المساحة الشاسعة من الأرض المحاطة بالبحار من جوانبها الثلاثة فلم تكن القبائل المتفرقة في وسطها أو نواحيها والتي كانت تتبادل فيما بينها العداوات والأحلاف بحسب الظروف تحس بأنّ أمة واحدة تجمعها، ولا كانت تستشرف هذه الوحدة أو تعمل من أجلهِا، مع أنه كانت هناك إِمبراطوريتان كبيرتان تحدان شبه الجزيرة شمالاً وشرقاً هما دولتا الفرس والروم، كما كان هناك دولتا الغساسنة والمناذرة، ودولة حمير في اليمن.

وكانت دول الساسية تتمتع بالعديد من الصفات مثل القوة ونظام وذلك بسبب لعراقتهم في نظام الدولة، مما أعطاهم خبرة كبيرة في شؤون الإِدارة والحرب، وعلى رأس الدولة ملك يسميه العرب كسرى، وهو تعريب للفظ ” خسرف ” بالفارسية، ومعناه الملك أو السلطان، وكانت ديانتهم وثنية ” الزرادشتية أو المزدكية” وهي تقوم على عبادة النار، وسماها العرب مجوسية.

ولم تكن الدولة الفارسية قبل مجيء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد تدهورت أو آلت إِلى السقوط، ولكن هزيمتها أمام العرب كانت بسبب أنهم واجهوها بالإِسلام، وهو أعظم قوة في الأرض، فاستطاع في وِقت قصير القضاء عليها وتحـرير أهلها. وبالسلاح نفسه أيضاً غلب العرب الروم البيزنطيين، ولم تكن دولتهم على أيام هرقل ضعيفة أو متدهورة، فعندما هاجم العرب الشام، كانت دولة الروم في أوج قوتها ولكن الانتصار كان بفضل الإِسلام. وهي العبرة الباقية والدائمة للمسلمين على مر الأيام.

الدولة السعودية وشبة الجزيرة العربية:

عنما نريد دراسة تاريخ السعودية يجب علينا من الرجوع والبحث في تاريخ واقع شبة الجزيرة العربية قبل أن يتولوا آل سعود الحكم، حيث استطاع السعوديون عبر سلسلة من الحروب والصراعات مع القوى المجاورة لهم من أن يكسبوا منطقة تلو أخرى وإقليماً بعد آخر لكي يؤسسوا دولتهم في العهد الحديث. كانت بلاد نجد أكبر البلاد في شبه الجزيرة العربية وهي تقع في وسطها ولم تكن خاضعة للدولة العثمانية لأنها لم تكن تهتم كثيراً بالمناطق والبلاد الداخلية لأنّ ليس فيها فائدة حسب اعتقادها مقارنة ببلاد الساحل حيث الإحساء والحجاز على شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر.

حيث كانت نجد مقسمة إلى إمارات صغيرة  كان من أهمها  إمارة الدرعية وإمارة العينية، حيث تقع الدرعية في الجهة الشمالية ويرأسها الأمير محمد بن سعود وتقع غربي مدينة الرياض على بعد أميال منها والتي ستصبح مقرا لآل سعود بعد ذلك. أما إمارة الرياض فيرأسها الأمير دهام بن دواس، وتقع في قلب بلاد نجد وتحيط بها البساتين من النخيل خاصة واتخذها آل سعود عاصمة لهم بعد الدرعية عام ۱۸۱۸ ميلادي .

أما الإمارة الثانية والذي كان حاكمها عثمان بن معمر وهي إمارة العينية والتي تقع في الشمال الغربي بالرياض وكانت قاعدة لآل معمر الذين كانوا تحت نفوذ حاكم الإحساء وإمارة الخرج وأميرها زید بن زامل الديلمي، وتقع في الجنوب الغربي من العارض في وادي حنيفة قرب الرياض، وتمتد من حدود الحريق والحوطة في الجنوب الغربي من العارض في وادي حنيفة قرب الرياض ومن الحوطة والحريق في الجنوب الغربي إلى الصحراء الشرقية. من الناحية الأخرى فالقبيلة هي أساس الوضع الاجتماعي والشيخ هو سيد القبيلة، وبين أفراد القبيلة بعض التفاوت في المكانة والثروة ، وبين البدو والحضر.


شارك المقالة: