اقرأ في هذا المقال
التوجه إلى الحوسبة الكمية:
هو الجيل التالي من أجهزة الكمبيوتر التي سيستخدمها البشر في السنوات القادمة، وكما نشهد جميعًا فإن العالم التقني يسير في مدار التطور بسرعة فائقة، ولا يكاد يمر يوم دون اكتشاف أو اختراع أو جديد تطوير التكنولوجيا التي نستخدمها في حياتنا، ينتظره الناس لتحسين نوعية حياتهم وحل المعضلات التي لم يستطع الذكاء البشري التغلب عليها بالتوجه نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى إنترنت الأشياء وغيرها من التقنيات.
وحديثنا اليوم عن توجه البشر نحو نوع آخر من التكنولوجيا من خلال تطوير جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر، وهي أجهزة كمبيوتر كمومية أو ما يعرف بالحواسيب الكمية (Quantum Computers)، وتعتبر هذه الأنواع الجديدة من أجهزة الكمبيوتر أقوى بملايين المرات من أجهزة الكمبيوتر التقليدية، فهي أقوى كمبيوتر صنعه الإنسان حتى الآن، دعنا نعرف معًا ما هو الكمبيوتر الكمي، وتعريف الحوسبة الكمية، وما هي أهميتها التي ينتظرها البشر؟
كيف يعمل الحاسوب التقليدي؟
الكمبيوتر التقليدي يعتمد على مبدأين يعمل من خلالهما، الأول أنه يقوم بتخزين الأرقام في الذاكرة، والثاني أنه يقوم بمعالجة هذه الأرقام عبر عمليات رياضية مثل الجمع والطرح، والتأكيد يمكن القيام بعمليات أكثر تعقيد عبر مضاعفة هذه العمليات إلى سلاسل من العمليات المتتالية، وهو ما يُعرف بالخوارزمية (Algorithm).
كيف يتم تخزين البيانات في الكمبيوتر؟
وبذلك فإنّ الكمبيوتر على عمليتين، وهما تخزين ومعالجة البيانات المخزنة على شكل أرقام من أصفار واحد (0,1)، حيث يتم القيام بالمعالجة والتخزين عبر الترانزستورز (Transistors)، والتي تشبه إلى حد كبير مفاتيح دقيقة للغاية تستخدم لحفظ هذه الأرقام، حيث يتم حفظ رقم أو حرف أو رمز ما بناءً على سلسلة من الأصفار والواحد من 8 خانات، فمثلًا حرف A يتم تخزينه هكذا (1000001) وحرف a يتم تخزينه هكذا (01100001) هذه السلسة من الصفر والواحد، ويطلق عليها نظام ثنائي (Binary Digit) أو (Bit) كل بت يتم تخزين رقم واحد فيه 0 أو 1.
بعد ذلك يبدأ الكمبيوتر بعملية الحساب من خلال الدوائر أو ما يُعرف بوابات المنطق (Logic Gates)، وهي عبارة عن مجموعة من الترانزستورات المرتبطة ببعضها البعض، وهذه البوابات تقوم بمقارنة أنماط البتات (Bits) المخزنة في الذاكرة المؤقتة، وتسمى سجلات (Registers) ثم تقوم بتحويلها إلى أنماط جديدة من البتات، وهذه هي الطريقة التي يحاكي به الحاسوب طريقة عمل العقل البشري.
عيوب الحاسوب التقليدي:
كما ذكرنا في الفقرة السابقة، يعتمد الكمبيوتر التقليدي على الترانزستورات (Transistors)، والتي كانت من أهم اختراعات القرن الماضي على الإطلاق، حيث نجد الآن المعالج الدقيق المتقدم (Microprocessor) الذي يحتوي على شريحة من السيليكون بحجم الإصبع يتضمن ملايين الترانزستورات، وهذا العدد يتضاعف كل 24 شهراً وفقاً للقانون جوردان مور(Moore’s Law)، والذي يُعد أحد مؤسسي شركة إنتل، وقد ثبت صحة ذلك خلال السنوات السابقة.
قوة المعالجات تتضاعف:
حسنًا الأمر يبدو جيداً قوة المعالجات تتضاعف كل سنتين بحيث تصبح أكثر قوة فما هي المشكلة إذًا؟ لا انتظر هناك أمر مهم، فربما لا تعلم أن أقوى المعالجات الآن لا تستطيع سوى قراءة أو معالجة رمز واحد في كل مرة 0 أو 1، فمثلًا عملية حسابية بسيطة مثل هذه (5 + 5) – 2 = ؟ يقوم الكمبيوتر العادي بحلها عبر القيام بالجمع ثم الطرح ثم عرض الناتج، ثلاث خطوات لحل هذه المسألة البسيطة، فما هو الحال عند القيام بعمليات رياضية في غاية التعقيد مثل معادلات السفر للفضاء على سبيل المثال والتي تستغرق ساعات وربما أيام، من أقوى الحواسيب الموجودة حالياً من أجل حلها. بل وهناك معضلات رياضية لم يستطع أي حاسوب حتى الآن الوصول إلى حلٍ لها.
المشكلة هنا أنه مع تقدم التكنولوجيا والاستخدامات التي نعتمد فيها على أجهزة الكمبيوتر، قد ازداد حجم المعلومات التي نحتاجها لمعالجتها وتخزينها، ممّا يعني المزيد من الاصفار والواحد (0،1)، ويؤدي هذا إلى الحاجة إلى المزيد من الترانزستورات، ولأن الكمبيوتر العادي يمكنه فعل شيء واحد فقط في كل مرة، فهذا يعني أنه كلما زادت تعقيد المشكلة التي نريد حلها ، كلما زاد عدد الخطوات التي يجب اتخاذها وبالتالي كلما زاد الوقت الذي يستغرقه حل هذه المشكلة.
مع استمرار تضاعف عدد الترانزستورات وفقًا لقانون (Moore’s Law)، تزداد قوة أجهزة الكمبيوتر مع مرور الوقت، ولكن المشكلة هي أن الترانزستورات ستصل إلى أصغر حجم يمكن تصنيعها فيه، بحيث لا يمكن أن تكون أصغر من ذلك، وبالتالي فإن المشكلة تكمن في أننا سنصل إلى النقطة التي تضع فيها قوانين الفيزياء حداً لقانون مور حتى نصل إلى نقطة النهاية، قبل أن نصل إلى القوة الحاسوبية التي نحتاجها لحل جميع المعضلات التي لا تزال تواجه الجنس البشري.
ولا تزال هناك العديد من المشكلات التي تحتاج إلى مزيد من القوة والوقت في الحوسبة أكثر ممّا يمكن أن يوفره أي كمبيوتر حتى الآن، ويطلق العلماء على هذه المشكلات اسم المشكلات المستعصية (Intractable Problems)، ومنها الأمراض التي لم يتمكن الإنسان من الوصول إلى علاج لها، وكذلك مشكلات المناخ وغيرها، والحل هو بناء جهاز الحاسوب الكمي.
تعريف الحوسبة الكمومية Quantum Computing:
نظرية الكم هي فرع من فروع الفيزياء التي تتعامل مع عالم الذرات والجزيئات، هذا العالم لا ينطبق على قوانين الفيزياء التي نعرفها، وسوف نأخذ مثالاً بسيطاً لشعاع الضوء الذي قد يظهر كما لو أنه مصنوع من جسيمات وقد يبدو أنه موجات من الطاقة، حيث يمكن أن يكون جسيماً وموجة في نفس الوقت، وهذا مثال بسيط من أجل عدم الإبحار في النظريات المادية الفيزيائية، ولكن ما علاقة هذا بموضوعنا؟
فكرة الحوسبة الكمومية تقوم على الاستفادة من القدرات الخارقة للجسيمات الذرية ودون الذرية؛ لتوجد في أكثر من حالة في أي وقت بسبب الطريقة التي تتصرف بها أصغر الجسيمات. يمكن استخدام هذه الميزة لتنفيذ العمليات بسرعة أكبر وبطاقة أقل من أجهزة الكمبيوتر التقليدية.
ما هو (Quantum Bits)؟
حيث تقوم الحوسبة الكمية على (Qubits)، وهو اختصار الكوانتم بت (Quantum Bits)، حيث نستطيع تخزين الكثير من المعلومات في أكثر من 0 و 1 كما هو الحال في (Bits) التي يعمل يعمل الكمبيوتر التقليدي، حيث (Qubits) ) يمكن أن يكون 0 أو 1 أو (0،1) أو عدداً لا نهائي من الأرقام والقيم في حالات متعددة.
ونظراً لأن الحاسوب الكمي سيكون قادر على تخزين عدة أرقام في وقت واحد، فيمكنه إجراء معالجة هذه الأرقام مرة واحدة بدلاً من معالجتها في شكل سلسلة من العمليات المتتالية كما هو الحال في الكمبيوتر التقليدي، وهذا هو الفرق بين الكمبيوتر الكمي والكمبيوتر التقليدي، حيث يمكنهما العمل بالتوازي، أي القيام بعدة إجراءات في نفس الوقت، بينما يقوم الكمبيوتر التقليدي بإجراء عملية حسابية واحدة، بينما يقوم الكمبيوتر الكمي بملايين العمليات الحسابية في وقت واحد.