الحمدُ لله الذي أنعم علينا بالإسلام، والصلاة والسلامُ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين إلى يوم الدين، أمّا بعد؛ إنّ في حياة المسلم نفحات يجب عليه أن يحرص على استثمارها في الخير عن طريق فعلِ بعض العبادات المشروعة، والمحافظة على الأعمال والأقوال الصالحة التي تُقرِّبه من الله تعالى، وتُعينه على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة، أردت أن أتحدث عن فضل أحد مواسم الخير المُتجدِّد في حياة الإنسان المسلم، والمُتمثل في الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة وما لها من الفضل والخصائص، وبيان أنواع العبادات والطاعات المشروعة فيها.
فضل الأيام العشر:
وردت مزايا هذه الأيام في القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} صدق الله العضيم، حيث أورد ابن كثير في تفسير هذه الآية قوله: “عن ابن عباس رضي الله عنهما الأيام المعلومات أيام العشر” وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله: “والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف”.
وردت مزايا هذه ألايام في السنة الشريفة: الحديث الأول: (عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من أيامٍ العملُ الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ” -يعني أيامَ العشر- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهادُ في سبيل الله إلّا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء”) الحديث الثاني: (عن جابرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “إنّ العشرَ عشرُ الأضحى، والوترُ يوم عرفة، والشفع يوم النحر”.
خصائص الأيام العشر:
- أنّ الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم فقال عز وجل: {وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ}صدق الله العظيم، ولا شكّ أنّ قسمَ الله تعالى بها يُنبئُ عن شرفها وفضلها.
- أنّ الله تعالى ذكرها في القرأن الكريم: (بالأيام المعلومات)، فقال سبحانه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}صدق الله العظيم ، وقد جاء في بعض التفاسير أنّ الأيام المعلومات هي الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة.
- أنّ فيها (يومُ عرفة)، و هو يعد من أفضل الأيام في الإسلام، وله فظلاً كثيراً لأنّه يوم تغفر فيه السيئات، ويوم العتقِ من النار، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيه عبدًا من النار، من يوم عرفة، وإنّه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول ما أراد هؤلاء؟”.
- أن فيها (يوم التروية)، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة الذي تبدأ فيه مناسك الحج.
- أنَّ فيها (ليلة جَمع)، وهي ليلة التي ينام فيها الحُجاج ليلة العاشر من شهر ذي الحجة في مُزدلفة بعد دفعهم من عرفة.
- أنَّ فيها فريضة الحج الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام.
- أنَّ فيها العاشر من ذي الحجة (يوم النحر) ،هو الذي يُعد أفضل أيام الإسلام كما روي عن عبد الله بن قُرْط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يومُ النحر ثم يوم القر”.
بعض العبادات والطاعات المشروعة في الأيام العشر:
- الإكثارُ من ذكرِ الله سبحانه وتعالى و تلاوة كتابه لقولهِ تبارك وتعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ}صدق الله العظيم.
- الإكثار من الصلاة لأنَّها أفضل العبادات التي يفعلها المسلم إذ إنَّ: الصلاة هي صلة العبد بربه، وهي من أسباب محبة الله للمسلم، ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات.
- الإكثار من الصدقات من أجل كسب رضا الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه عن طريق البذل والإحسان للآخرين.
- الصيام في هذه الأيام لأنَّه أفضلُ العبادات التي يؤديها المسلم لعِظيم أجرها وجزيل ثوابها، ولما روي عن صيام النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام المُباركة.
- ذبح الأضاحي فهي من العبادات التي شرعها الله، لأنَّه عندما يذبح القُربان من الغنم أو البقر أو الإبل، ثم يأكل من أُضحيته ويُهدي ويتصدَّق، وفي ذلك كثيرٌ من معاني البذل والتضحية والفداء، والاقتداء بهدي النبوة المُبارك.
- التكبير، والتهليل، والذكر، فهي من أفضل الأيام على مدار العام.
