أحداث بعد خطبة الوداع:
وبعد أن انتهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من إلقاء الخطبة نزل على النبي قوله تعالى: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )… سورةالمائدة، وعندما سمعها سيدنا عمر بن الخطاب بكى، فقيل لسيدنا عمر: (ما يبكيك؟) فقال سيدنا عمر بن الخطاب: “إنّه ليس بعد الكمال إلّا النقصان”.
وبعد أن أنهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خطبته أذن الصحابي بلال بن رباح ثمّ بعد ذلك أقام، ومن ثمّ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الظهر، وبعد ذلك أقام فصلى صلاة العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ومن ثمّ ركب النبي حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء نحو الصخرات، وبعد هذا جعل جبل المشاة بين يديه، ومن ثمّ استقبل القبلة، فبقي النبي عليه الصلاة والسلام واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصّفرة قليلاً حتى غاب القرص، ومن ثمّ أردف أسامة، ودفع حتى جاء النبي إلى المزدلفة، فصلّى النبي بها صلاة المغرب وصلاة العشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح النبي بينهما شيئا، ثمّ اضطجع حتى طلع الفجر.
وبعد ذلك صلّى النبي عليه الصلاة والسلام صلاة الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة، ومن ثمّ ركب النبي ناقته القصواء حتى قدم إلى المشعر الحرام، ومن ثمّ استقبل القبلة، فدعا الله سبحانه وتعالى، وكبّره ( قال الله أكبر)، وهلله (قال لا إله إلا الله)، ووحده (وحده لا شريك له)، فبقي النبي محمد صلى الله عليه وسلم واقفاً حتى أسفر جدا.
فدفع النبي من المزدلفة حتى وصل إلى منى وذلك قبل أن تطلع الشمس، وأردف الصحابي الفضل بن عباس رضي الله عنه حتى جاء بطن محسر، فما كان منه إلّا أن حرّك قليلا، ومن ثمّ سلك الطريق الوسطى وهي الطريق التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى وصل الجمرة والتي هي عند الشجرة وهي الجمرة الكبرى نفسها، حيث كانت عندها شجرة في تلك الأوقات، وقد سميت بجمرة العقبة أو بالجمرة الأولى، فرماها النبي بسبع حصيات، يكبّر النبي مع رمي كل حصاة منها، وذلك مثل حصى القذف رمى من بطن الوادي، وبعد ذلك انصرف النبي إلى المنحدر، فنحر النبي عدد ثلاث وستين بدنة ( وبدنة تعني ناقة أو بقرة) بيده، وبعد ذلك أعطى النبي عليه الصلاة والسلام سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فنحر ما غبر( تعني ما بقي) وهي عدد سبع وثلاثون بدنة (ناقة)، وقد أشركه في هديه، ثم أمر النبي من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، ومن ثم طبخت، فأكلا من لحمها، وأيضاً شربا من مرقها.
وبعد ذلك ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض النبي إلى البيت، فصلّى في مكة المكرمة صلاة الظهر، وبعد ذلك جاء على بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال النبي لهم: “انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم”، لكن بعد ذلك أعطوه دلواً فشرب النبي منه.