اقرأ في هذا المقال
- زمان رد الوديعة ومكانه
- الإشهاد على رد الوديعة
- حكم الزوائد الناتجة من الوديعة
- لمن يكون رد الوديعة؟
- حكم تعويض الضرر بسبب الوديعة
من واجبات الوديع عند انتهاء عقد الإيداع ردّ الوديعة، ويتم ردّ الوديعة بسبب طلب المودع لها، فيحق لأي من العاقدين إنهاء عقد الإيداع دون رضا الطرف الآخر؛ لأنّ الوديعة من عقود التبرعات، ومن أسباب ردّ الوديعة حدوث أي واحدة من حالات انتهاء عقد الإيداع، وسنتعرّف هنا على بعض الأمور التي تتعلّق بردّ الوديعة، مثل زمان ردّ الوديعة ومكانه، والإشهاد على ردّ الوديعة، والشخص الذي يستلم الوديعة عند ردّها.
زمان رد الوديعة ومكانه:
من واجب الوديع ردّ الوديعة لصاحبها أو لمن ينوب عنه فور انتهاء عقد الإيداع، ولكن قد يتعذّر على الوديع ردّ الوديعة بوجود عذر معيّن، فننظر بالعذر الموجود ونأخذ بالأحكام الشرعية التي تتناسب معه. أو يتم امتناع الوديع عن ردّ الوديعة دون عذر، فتقع عليه أحكام الغصب؛ لأنه يُعتبر غاصباً لامتناعه عن ردّ المال لصاحبه دون عذر مشروع يُجيز له حبس المال.
وبالنسبة لمكان ردّ الوديعة فيجب أن يكون نفس بلد العقد، إلّا إذا تمّ الاتّفاق على غير ذلك بين العاقدين عند إنشاء العقد.
الإشهاد على رد الوديعة:
للحديث في حكم تأخير ردّ الوديعة للإشهاد عليها، ننظر إن قام العاقدان بالإشهاد على العقد عند قبض الوديعة أولاً، فإن أشهد العاقدان على قبض الوديعة، يصح للوديع تأخير ردّ الوديعة لحين الإشهاد عليه.
وإن لم يتم الإشهاد على القبض فلا يصح للوديع تأخير ردّ الوديعة للإشهاد عليه، فالوديعة تعتبر أمانة في حال عدم الإشهاد على قبضها، ويُقبل قول الوديع في ردّ الوديعة أو ادّعاء تلفها.
حكم الزوائد الناتجة من الوديعة:
قد تكون الوديعة من الأموال المنتجة، كالحيوانات المنتجة للحليب أو الصوف، أو النباتات المنتجة للثمار، ويُعتبر هذا الإنتاج المتعلّق بالوديعة أمانة مع الوديعة لدى الوديع، وعليه ردّ ما تُنتجه الوديعة معها، أي ردّ الناتج مع الأصل اعتماداً على قاعدة التابع تابع، وتنطبق أحكام الزوائد المتصلة بالوديعة على الزوائد المنفصلة.
وإن كانت الوديعة مالاً نقدياً وقام الوديع بالتجارة به وكسب الأرباح، عليه ردّ ما أنتجه المال من أرباح مع الأصل إلى صاحب المال (المودع)، ويحق له أجر المثل فقط من الأرباح.
لمن يكون رد الوديعة؟
يتوجّب على الوديع ردّ الوديعة للمودع نفسه في حال انتهاء العقد، وإن لم يكن المودع موجوداً، قد ينوب عنه وكيل في تسلُّم الوديعة إذا كان على قيد الحياة، أما إذا مات المودع قبل استرداد وديعته، على الوديع تسليمها لورثة المودع.
كما يجب ردّ عين الوديعة للمودع أي ردّ المال المودَع نفسه، ما لم يقع عذر يمنع ردّ الوديعة بعينها، فإن حصل ذلك وكانت الوديعة من الأموال المثلية، يترتّب على الوديع إحضار مثل المال المودَع وتسليمه للمودِع، أو أن يقوم بتقييم المال المودَع وردّ قيمته للمودِع، إذا كانت الوديعة من الأموال القيمية التي لا يُمكن إيجاد مثلها.
وإذا قام ورثة الوديع بالتصرّف بالوديعة بعد وفاته على أنّها جزء من أموال التركة، يجب عليهم ردّ مثلها للمودِع إن لم يتمكنوا من إيجاد الوديعة بعينها، أو إن تلفت الوديعة دون علمهم، وإن طالب المودِع الورثة بعين الوديعة بعد التصرّف بها بالبيع، له الخيار في قبض ثمن وديعته، أو مطالبة الورثة بردّها من الشخص المشتري وفسخ عقد البيع.
حكم تعويض الضرر بسبب الوديعة:
قد تكون الوديعة قد ألحقت ضرراً بمال الوديع، فإن كان في الوديعة عيب ظاهر أدّى إلى إيقاع الضرر بأموال الوديع الخاصة، فليس على المودع أن يضمن هذا الضرر؛ لأنّ الوديع يعلم بعيب الوديعة كونه عيباً ظاهراً، وبما أنّ الوديعة عقدٌ غير لازمٍ، وكان بإمكان الوديع ردّ الوديعة للمودِع، أو عدم قبولها في الأصل عند إنشاء العقد.
وإن كان في الوديعة عيب خفي ولم يُعلم المودع الوديع به، فالمودع آثم ويقع الغرر بالوديع، ومع ذلك لم يتم إلزام المودع بضمان ما يقع بالوديع من ضرر.
لكن مع عدم قبول الأحكام الإسلامية بالإضرار بالآخرين والإساءة إليهم، عملت بعض الدول الإسلامية على وضع قوانين قائمة على الأحكام الإسلامية، ووضعت قوانين تُلزم من يتسبب بوقوع الضرر بالآخرين بالضمان والتعويض، وعليه قامت بإلزام المودِع بضمان ما أوقعه من خسارة بأموال الوديع، بسبب قبوله للوديعة.
ومن أهم مقتضيات هذه القوانين عدم عزوف الناس عن قبول ودائع الآخرين، خوفاً منهم على وقوع الضرر بأموالهم وخسارتها دون عوض أو ضمان، وبالتالي عدم إيجاد مَن يتقبل الوديعة ويُساعد الناس في حفظ أموالهم، وهذا ممّا لا تدعو إليه أخلاقنا الإسلامية وأسس التعاون والتكافل التي دعا إليها الإسلام.