رغم أن عقد الهبة من عقود التبرعات التي يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في عقود المعاوضات، ولا تؤثّر فيها الجهالة، إلّا أنها تقوم على أربعة أركان يجب توافر كل منها بشروط معينة، وهي الواهب والموهوب له والموهوب والصيغة.
شروط الواهب:
- يُشترط في الواهب أن يتّصف بالعقل والبلوغ، ولا يجوز أن تكون الهبة من الصبي وإن كان مميّزاً؛ لأنّ في الهبة إنقاص للمال دون تعويض، وهذا قد يضرّ بصاحبه إن لم يكن أهلاً للتبرّع بماله.
- أن يكون الواهب صاحب ملكية للموهوب، وإن تمّت هبة مالٍ من غير ملك الواهب، فيكون جواز عقد الهبة واقفاً على إجازة صاحب المال.
- أن يكون الواهب راضياً بالهبة وتكون بإرادته، وألّا يكون مكرهاً عليها.
شروط الموهوب له:
- اشترط المالكية أن يكون الموهوب له صاحب أهلية في تملّك الهبة.
- ألّا يكون الموهوب له من غير المسلمين، ويتبع لدولة تُعادي الإسلام في العلن.
- يُشترط في الموهوب له أن يقبل الهبة، فعقد الهبة يقوم على الإيجاب والقبول وقد يحصل ما يمنع الهبة.
شروط المال الموهوب:
- يُشترط في المال الموهوب أن يكون مالاً يمكن حيازته أو الانتفاع به، وأن يكون مما يجوز هبته عند المسلمين.
- أن يحضر المال عند هبته، ولا يجوز تمليك المعدوم أو غير الحاضر، بناءً على قاعدة كل ما يجوز بيعه تجوز هبته، وكل ما لا يجوز بيعه لا تجوز هبته.
- أن يكون المال الموهوب ملكاً للواهب، فلا يجوز للمسلم هبة ما ليس في ملكه.
- أن يُعلن نوع المال ويُحدّد مقداره عند هبته، ولا يجوز هبة المال المجهول المقدار أو النوع.
- ألّا يتعلّق بالمال الموهوب حق لآخر من رهن أو دَين أو كفالة.
- أن يتم قبض المال الموهوب عند هبته، فالهبة من العقود التي تتم بالقبض.
- إن كانت الهبة الهبة عبارة عن تمليك مال في أمانة الموهوب له، فليس من الضرورة إعادة عملية القبض فالموهوب بالأصل في حوزة الموهوب له، ويجب إعلان هبته من قِبل الواهب، وقبول الموهوب له بقبض المال.
شروط الصيغة:
الهبة عقد يتم بالإيجاب والقبول، ويتم الإيجاب من قبل الواهب، والقبول من قبل الموهوب له، ويتوقف تملّك الموهوب له للمال على قبوله للهبة وتسلّمه للمال.
ويمكن للإيجاب في عقد الهبة أن يكون بأي لفظ يدل على تمليك المال بشكل مباشر أو بالإشارة إلى ذلك، ويكون القبول بلفظ يُستدلّ به على أنّ الموهوب له قَبِلَ الهبة، إمّا صراحة أو دلالة.
ومن الأمور التي يُمكن أن تُقترن بالإيجاب الوقت، وهو أن يُهدي شخصاً مالاً لآخر حتى يمت، وإن مات الشخص الواهب تعود ملكية المال لورثة الواهب، ويُطلق على ذلك العمرى. وقد يقترن الإيجاب بالشرط أي ينتظر كل من الواهب والموهوب موت أحدهم لامتلاك المال الموهوب، حيث أن الشرط يكون إذا مات أحدهم يتملّك الآخر المال، وتُسمّى هذه المعاملة بالرقبى.
وقد يتعلّق الإيجاب بالمنفعة، وهنا يهب الشخص المالك منفعة ماله لآخر، وتُسمّى المنحة، وتعتبر عقد إعارة إذا كان المال المنتفع به مالاً لا يُستهلك بالاستعمال، أما إن كان المال يُستهلك بعد الانتفاع به يُعتبر هبة.