أسباب انسحاب المسلمين من حصار مدينة الطائف

اقرأ في هذا المقال


أسباب انسحاب المسلمين من حصار مدينة الطائف:

كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الشريف قد جمع كل جيشه حتى يقوم بمطاردة جيش هوازن من حنين، حتى وصل إلى مدينة الطائف.

حيث يوجد بها أهم أجنحة جيش هوازن( ثقيف )، وفرض الحصار على حصونها المنيعة، وكان يأمل من وراء هذا الحصار أن تستسلم قبيلة ثقيف للمسلمين.

ولكن ثقيف قاومت بعنف واستعصت حصونها المنيعة، فلم ينجح الحصار، فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلم الشريف إلى فكه وترك قبيلة ثقيف وشأنها، فما هي أسباب الإسراع بفك الحصار دونما أية نتيجة إيجابية للمسلمين؟

يمكن إيجاز الأسباب وذكره كما يلي في الأمور الآتية:

1- كانت حصون مدينة الطائف منيعة بحيث يصعب على مشاة المسلمين وفرسانهم اقتحامها، وكان لدى الجيش الإسلامي سلاح ثقيل يستخدم عادة في الهجوم على القلاع والحصون، وهذا السلاح هو المنجنيقات والعادات والدبابات، وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم الشريف هذا السلاح الثقيل بغية تسهيل مهمة اقتحام تلك الحصون المنيعة، ولكنّ الدفاع من ناحية قبيلة ثقيف كان شديداً والأسوار كانت منيعة بحيث لم يكن القذف بالقذائف النارية وغير النارية ذا أثر فعال على هذه الحصون.

2- المقاومة الشديدة، مما لا جدال فيه أنّ رجال قبيلة ثقيف من جيل المحاربين الممتازين الشديدين، وكانوا من أهم أجنحة جيش هوازن ولا أدل على شجاعتهم من أنهم فقدوا يوم واقعة حنين الكبرى وحدهم مائة قتيل بمن فيهم قائدهم بن عثمان.

وكانوا على استعداد للمقاومة في الحصون، قد أدخلوا في حصونهم المنيعة من المواد الغذائية ما يكفيهم السنة كاملة، أمّا الماء فقد كان موجودة بكثرة داخل حصونهم.

وقد كانت مقاومتهم للحصار شديدة، وكانوا ماهرين في القصف بالسهام والنبل، ومقاومة الدبابات التي يستخدمها المهاجمون لنقب الأسوار كدروع يحتمون بها، ولقد كان جل اعتمادهم على القوس والنبل، فقد صوبوا سهامهم بمهارة نحو المسلمين وقصفوهم بها بغزارة مما أحدث بينهم عدة إصابات قاتلة وعدد منهم، الأمر الذي اضطرهم إلى التراجع بعيدة عن مرمى السهام والنبل.

كذلك عندما حاولت بعض الوحدات الإسلامية استخدام الدبابات (وكانت من الخشب السميك) لفتح ثغرات في أسوار الحصن المنيع وليدخل منها جند الإسلام، قابلت قبيلة ثقيف هذا السلاح الثقيل بسلاح مضاد فعال بالمقابل، وهو قذائف من الحديد المحمي المنصهر.

كانت تقذف به هذه الدبابات فتحرقها، الأمر الذي كشف الجنود المحتمين بها، فصاروا عرضة لسهام قبيلة ثقيف، فاضطروا للتراجع وفشل هجومهم المدرع لنقب الأسوار المنيعة، وهكذا لم تنجح محاولات الجيش الإسلامي لاقتحام حصون قبيلة ثقیف عنوة.

3 – صعوبة تطويل أمد الحصار، حيث لم يبق أمام جيش الإسلام والمسلمين إلّا أمر واحد لإجبار قبيلة ثقيف على الاستسلام، وهو أن يظل المسلمون محاصرين ثقيف حتى ينفد ما لديهم من مواد غذائية، وذلك يستغرق سنة كاملة، والمحارب المسلم في ذلك العهد، لم يتعود على البقاء مثل هذه المدة بعيدا أهله وعياله.

فلم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم البقاء أي فائدة لفرض الحصار على قبيلة ثقيف وتجميد الجيش أمام حصون قبيلة ثقيف طوال هذه المدة.

4- عدم خطورة ثقيف، كذلك يعتبر من الأسباب، أنّ قبيلة ثقيف بعد اضمحلال قوة هوازن وجيشها، لم تعد ذات خطر على دين الإسلام، بحيث يتحتم على المسلمين تجشيم أنفسهم متاعب الانشغال بحصارها لمدة سنة كاملة، فقبيلة ثقيف بعد دخول جميع عشائر هوازن في دين الإسلام بقيت معزولة تماماً، ومحاطة بالأعداء الذين كانوا أصدقاء وإخوة في الأمس، فهؤلاء وحدهم كفيلون بإزعاج قبيلة ثقيف وتضييق الخناق عليها، كلما سنحت لهم الفرصة، وهو ما حدث فعلاً، وخاصة بعد أن دخل قائد هوازن وملكها العام يوم قبيلة حنين الكبرى مالك بن عوف  النصري الإسلام، وصار بنفسه (وهو الشجاع المطاع في قومه) يشن الغارات العنيفة على قبيلة ثقيف.

5. وهي النقطة الأهم، حيث أنّ القائد النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم الشريف جاءه الأمر من السماء بأن يفك الحصار عن ثقيف، لأنّه سبق في علم الله تعالى أن قبيلة ثقيف نفسها ستأتي طائعة مختارة إلى المدينة لتعلن إسلامها، ولهذا فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلم الشريف طلب منه بعض صجابته الكرام (وهو يفك الحصار عن قبيلة ثقيف) أن يدعو عليها، رفض ودعا لها قائلاً: “اللهم اهد ثقيفاً وائت بها ، أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الشريف”، هكذا عجل النبي صلى الله عليه وسلم الشريف التي جاءته مسلمة في أواخر السنة التاسعة من الهجرة.


شارك المقالة: