بعد متابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم طريقهُ إلى مكَّة المكرمة، وصل إلى وادي يقال له وادي النخلة، حيث أقام النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الوادي عدَّة أيام ؛ لأنّ فيها مكانين يصلُحان للإقامة فيه، وهما الزيمة والسيل الكبير، الذي يتوفّر فيهما الخصب والماء.
دخول الجن في الإسلام
وبعد إقامة النبي عليه الصلاة والسلام في وادي النخلة ، الذي يقع بين مكّة المكرمة والطائف، وعند إقامة النّبي فيه مرَّ نفر من الجن بالنّبي عندما كان نبينا الكريم يصلِّي في جوف الليل ، ويقال أنّ عددهم سبعة او تسعة.
ولمّا أكمل النبي صلاتهُ، وسمعوا من القرآنِ الذي تلاهُ النبي في صلاتهِ، توجهوا إلى قومهم منذرين لهم، وقد أسلموا ، ولم يكن عليه السّلام يشعر بهم.
وأخبر الله عز وجل نبيه بهذه الحادثة ، إذ نزل قول الله تعالى : ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )
وقال عزّ وجلّ في محكم التنزيل : ( قُلۡ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبٗا * يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا * وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا ) .
فوفد الجنّ مراراً على النّبي يستمعون القرآن ويتعجبون منه، وكانوا ينذرون قومهم من هذا الكلام ، فوفد الجنّ إلى مكَّة المكرمة والمدينة المنورة، فكان إسلام الجنِّ نصراً أمدَّه الله ، فهم جندٌ من جنود الله لا يعلمها إلّا الله، فكان إسلام الجن هي بشارات من الله للنبي بنجاح الدعوة وحتى يزيح الحزن الكبير الذي غطّى على قلب النبي الذي صُبَّ عليه بعد وفاة زوجته وعمّه وبعد خروجه من الطائف مطروداً من جهل أهلها وروجعهِ إلى مكة المكرمة.