إمكانية توكيل الجمعيات لإخراج زكاة الفطر

اقرأ في هذا المقال


بعد أن اتّفق الفقهاء على جواز التوكيل في إخراج الزكاة، قدّموا الأدلة التي استدلّوا بها لإيجاد الحكم الشرعي في هذه المسألة، ومن خلال ما تمّ تقديمه من أدلّة نجد أن الجمعيات، هي إحدى الجهات التي يجوز توكيلها في إخراج الزكاة، فما الأدلّة التي استدلّ بها الفقهاء لمشروعية التوكيل في إخراج زكاة الفطر؟ وما هي الحالات التي تتولّى فيها الجمعيات بإخراج زكاة الفطر؟

أدلة مشروعية التوكيل في إخراج زكاة الفطر:

استدلّ الفقهاء بثلاثة أدلّة لبيان مشروعية التوكيل في إخراج زكاة الفطر، وهي:

1- كان النبي _عليه الصلاة والسلام_ يبعث العمّال الموكّلين بجباية أموال الزكاة من أصحاب الأموال، ثمّ يأمرهم بتوزيع ما قاموا بجمعه من أموال الزكاة على مستحقيها، كما جاء في حديث معاذ _رضي الله عنه_ عندما بعثه النبي _صلى الله عليه وسلّم_ إلى اليمن، فكان مما قيل في الحديث: ” فأعلمهم أنّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم” رواه بخاري.

عندما أمر النبي _عليه الصلاة والسلام_ معاذ _رضي الله عنه_ بأخذ أموال الزكاة من الأغنياء وتوزيعها على الفقراء، كان هذا دليلاً على صحة التوكيل في إخراج الزكاة، حيث أجاز النبي عليه الصلاة والسلام_ للصحابي أن ينوب عن أغنياء أهل اليمن في توزيع أموال الزكاة على فقرائهم، وتجوز الوكالة في توزيع أموال الزكاة وإن كانت بغير طلب من صاحب الزكاة، وتمّ قياس ذلك على الأَوْلى.

2- الزكاة فريضة وعبادة فرضها الله تعالى، وهي عبادة مالية، ويصح لصاحب المال أن يقوم بتوكيل مَن يُخرجها عن أمواله، إضافة إلى أنّ الفقهاء أجازوا، الوكالة في قضاء الدَّين والنذر والكفارات.

3- قد يمر صاحب المال في ظروف تمنعه من القدرة على إخراج زكاته بنفسه، ويحتاج لمَن يقوم عنه بذلك، على سبيل الوكالة.

الحالات التي تتولى فيها الجمعيات بإخراج زكاة الفطر:

الحالة الأولى: أن تنوب الجمعية عن المزكي:

وهذه الحالة هي الأكثر انتشاراً، وعلى الأغلب تكون هذه الجمعيات غير مكلّفة بجمع أموال الزكاة من الدولة، ويتم توكيل هذه الجمعيات من قبل أصحاب الأموال، فتوزّع الأموال عن طريق الجمعية الموكَّلة، ويكون التعامل في هذه الجمعيات مع المُزكّي صاحب الأموال.

وفي هذه الحالة يجوز تقديم إخراج زكاة الفطر عن موعدها المحدد؛ لأنّ المزكّي يقوم بدفعها للجمعيات الموكّلة بجمع أموال الزكاة، ولا يتم إخراج الزكاة بالدفع للجمعيات، وإنّما بقبض الفقير لمال الزكاة، فتقوم هذه الجمعيات بتوزيع أموال الزكاة وتسليمها لمستحقيها، في الأوقات المناسبة لإخراج زكاة الفطر، وبذلك تسقط الزكاة عن المزكّي، ولا يجوز لهذه الجمعيات تأخير إخراج الزكاة لمستحقيها عن الموعد المحدد لزكاة الفطر.

الحالة الثانية: أن تنوب الجمعية عن المزكي والفقير:

وهي الجمعيات التي يتم تعيينها من قِبل الدولة، لجمع أموال الزكاة وتوزيعها، فتنوب عن الأغنياء؛ لأنهم يدفعون أموال الزكاة إليها، وطلب توكيلها بتوزيعها على المستحقين، وبما أنّ الإمام كلّف هذه الجمعيات بتوزيع الزكاة على الفقراء، فهي تعتبر وكيلة عن الفقير، وخاصة إذا كان الفقراء المستحقون لأموال الزكاة معيّنون لدى هذه الجمعيات.

وبما أنّ هذه الجمعيات تكون نائبة عن المزكّي والفقير، يجوز أن تُؤخّر إخراج الزكاة، فالفقير معيّن لها، وهي وكيلة عنه فبقبض الجمعية للزكاة تكون قد وصلت للفقير. وهذا النوع من الجمعيات معروف بشكل أكبر في البلاد غير الإسلامية، حيث يتم تعيين الأغنياء المُزكّين، والفقراء المستحقين، وتوزيع الزكاة عليهم بعد أخذها من الأغنياء.


شارك المقالة: