تضطر بعض المؤسسات الزكوية والخيرية أن تودع أموالها في مصارف غير إسلامية، بسبب تواجدها في دول لا يوجد فيها مصارف إسلامية، ويكون هذا الإيداع لحفظ هذه الأموال، أو لتسهيل تلقي التبرعات المحلية والخارجية، وتيسير معاملات المتبرعين، وقد ينتج عن إيداع أموال هذه المؤسسات في المصارف غير الإسلامية، فوائد وأرباح غير شرعية، فما حكم أخذ هذه الفوائد؟ وكيف يتم التعامل معها؟
حكم إيداع أموال المؤسسات الزكوية والخيرية في المصارف غير الإسلامية:
لقد تم حل مشكلة الفوائد الناتجة من إيداع الأموال في المصارف غير الإسلامية، على النطاق الشخصي، حيث يقوم الشخص بفصل هذه الفوائد عن رأس ماله الأصلي، والتبرع بها في أوجه الخير، بأي طريقة كانت سواء بإنفاقه بنفسه، أو عن طريق جمعيات خيرية متخصصة في توزيع أموال الصدقات والتبرعات، وبالتالي يكون قد طهر ماله من الأموال المحرمة التي دخلت عليه، وعمل بما أمر به الله تعالى.
لكن إذا تعاملت المؤسسات الزكوية والخيرية نفسها مع المصارف غير الإسلامية في الإيداع، فكيف يتم التعامل مع مثل هذه الفوائد المحرمة؟
تعددت الآراء المقترحة لحل مشكلة الفوائد المحرمة المضافة إلى أموال المؤسسات الزكوية والخيرية التي تودع في المصارف غير الإسلامية، وكانت كالتالي:
- أن تقوم المؤسسات الزكوية بتخصيص حساب خاص لهذه الفوائد، وصرفها في النفقات التي تترتب على المؤسسات، كتكاليف وأجور للإيداع والتعامل مع المصارف غير الإسلامية، كونها تعتبر مؤسسات خيرية، يجب إعفائها من تلك التكاليف.
- أن تقوم المؤسسات الخيرية بجمع هذه الفوائد وضمها إلى أموالها، وإنفاقها للمستحقين، باعتبار أن هذه الأموال لا يملكها أحد، ويتم توزيعها في أوجه الخير.
- أن تقوم المؤسسات الزكوية والخيرية بجمع هذه الفوائد وضمها إلى أموالها، لكن مع فصلها على الوثائق، أي فصلها دفترياً، ويكون لهذه الفوائد دفاتر حسابات خاصة مفصولة عن حسابات أموال المؤسسة الأصلية، ويتم إنفاقها فيما يخدم المصلحة العامة في المجتمع.
وجاء رداً على هذه الآراء رأي يقول بأن إيداع أموال المؤسسات الزكوية والخيرية في المصارف غير الإسلامية، أمر محرم غير جائز، ويجب على المؤسسات الزكوية الموجودة في البلدان التي لا يوجد فيها مصرف إسلامي، أن تقوم بتخصيص صناديق خاصة لجمع أموال الزكاة وتوزيعها على مستحقيها فور تحصيلها دون تأخير؛ حتى لا تستدعي الحاجة إلى إيداع هذه الأموال في المصارف غير الإسلامية.
ويمكن الاستغناء عن كافة الحلول والآراء السابقة مع تطور المصارف الإسلامية في أغلب البلدان، وقدرتها على التعامل مع المؤسسات الزكوية والخيرية خارج البلاد، ويتم الإيداع والسحب فيها بأساليب حديثة ميسرة ومتطورة، لتحقيق الأهداف المرجوة للمؤسسات الزكوية والخيرية، ورفع المعيقات والحرج الذي قد تتعرض له هذه المؤسسات، بسبب عدم وجود مصارف إسلامية في بلدها.
كما يأمل العملاء المسلمون بأن يتم إنشاء المصارف الإسلامية في كافة بلدان العالم، أو على الأقل أن يتم إنشاء فروع إسلامية في المصارف التقليدية، لتلبية حاجات المؤسسات الزكوية والخيرية في بلدانها.