احترام القرآن

اقرأ في هذا المقال


معنى احترام القرآن .

معناه: لا ريب أن الاحترام الحقيقي للقرآن الكريم إنَّما يكون بالإكثار من تلاوته، وإتقان حفظه، والعمل بما جاء في آياته، وما طواه في صفحاته من امتثال أوامره واجتناب نواهيه، والوقوف عند حدوده، وتأدب بآدابه، واتخاذه ميزاناً في القبول والرَّفض، والأخذ والترك، والحبِّ والبغض، وأن يكون القرآن هوالغاية في العلم والأدب والعقيدة والعمل، والمنهج والسلوك.

ومن المؤكد أنَّ الغرض من نزول القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو هداية الناس إلى الحق،وإخراجهم من الظلمات إلى النور قال تعالى ﴿الۤرۚ كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَیۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طِ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡحَمِیدِ﴾ [إبراهيم ١]  . ﴿یَهۡدِی بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَ ٰ⁠نَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَیُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَیَهۡدِیهِمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰ⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ﴾ [المائدة ١٦].

من مظاهر احترام القرآن .

وإلى جانب هذا الاحترام الحقيقي لا بدَّ من مراعاة مظاهر التعظيم والتوقير لكتاب الله ومنها : وجوب الطَّهارة عند مسِّ القرآن، قال تعالى ( إنّه لَقُرۡءَانࣱ كَرِیمࣱ (٧٧) فِی كِتَـٰبࣲ مَّكۡنُونࣲ (٧٨) لَّا یَمَسُّهُۥۤ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنزِیلࣱ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (٨٠)﴾ [الواقعة ٧٤-٨٠]

وعن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنَّ في الكتابِ الذي كتبَه رسولُ اللهِ ﷺ لعمرِو بنِ حزمٍ: ألّا يمسَّ القرآنَ إلَّا طاهرٌ. صحيح ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجاله موثوقون . (1/276) ووجوب حفظ كتاب الله في غلاف خاص مناسب جميل، والحرص على نظافته، ووضعه في مكان لائق، وعدم إلقائه على الأرض .

وقد أفتى العلماء بكفر من رمى به في القاذورة، وبحرمة بيعه لمن يُخشى منه عدم احترامه، وفي الصحيحين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّفر به إلى أرض العدو، إذا خيف وقوع المصحف في أيديهم ،  [عن عبدالله بن عمر:] سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يَنهى أن يُسافَرَ بالمصحفِ إلى أرضِ العدوِّ

مسند أحمد ٧/٢٣١  •  إسناده صحيح

وقد ورد عن سلفنا الصّالح ما يدل على تعظيمهم لكتاب الله وإجلالهم له بأقوالهم وافعالهم؛ قال قتادة رضي الله عنه : ما أكلت الكراث منذ قرأت القرآن.

وقال يزيد بن أبي مالك : إنَّ أفواهكم طرق من طرق القرآن فطهِّروها ونظِّفوها ما استطعتم، وقال الراوي الذي يحدث عنه: فما أكل البصل منذ قرأ القرآن، وقال مجاهد: إذا تثاءبت وأنت تقرأ القرآن فأمسك عن القرآن حتَّى يذهب تثاؤبك، وقال النووي : ويستحبُّ أن يقوم للمصحف إذا قُدم به عليه؛ لأنَّ القيام مستحبٌّ للعلماء والأخيار، فالمصحف أولى.

البدع المتعلقة باحترام القرآن والتحذير منها .

  • تقبيل المصحف : نتساءل في بحث احترام المصحف، هل هو فعل مأثور ومشروع، أم بدعة مستحدثة؟؟ ونجد جواباً لهذا التساؤل في قول ضعيف أن التقبيل بدعة، ولكنَّنا نتبيَّن من التحقيق في ذلك أنَّه روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنَّه كان يأخذ المصحف كلَّ غداة ويقبِّلة ويقول : عهدُ ربي ومنشور ربي عزوجل، وكان عثمان رضي الله عنه يُقبل المصحف ويمسحه على وجهه. (حاشية ابن عابدين في الفقه الحنفي 9-552) وعن عبدالله بن أبي مليكة: أنَّ عِكْرمةَ بن أبي جَهْلٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ كانَ يضَعُ المصحفَ على وجهِهِ ويقولُ: كتابُ ربِّي كتابُ ربِّي. النووي (٦٧٦ هـ)، التبيان ٢٣٢  •  إسناده صحيح

وهذا يدلُّ على أنَّ التقبيل للمصحف مع العمل بآياته وأحكامه مستحسن، اقتداء بعمر وعثمان رضي الله عنهما؛ لما عليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديِّينَ بعدي، عضُّوا عليها بالنَّواجذِ. البزار (٢٩٢ هـ)، جامع بيان العلم ٢/٩٢٤ • إسناده صحيح، وأمّا التقبيل للمصحف مع ترك العمل به، فهو مخالفة ظاهرة لسنَّة الخلفاء الراشدين، واحترام سطحي وظاهري لا يقام له وزن ولا قيمة .

  • تعليق المصحف بالإعناق : إذا علق المؤمن أو المؤمنة المصحف الشريف أو آيات من القرآن تعظيماً له أو بنية الحفظ أو الاستشفاء به فهو جائز، وأمَّا إذا علقه بنية الزينة، أو لعادة جرت أو غير ذلك يوهم الاستعمال، او يكون لغير التعظيم فلا يخلو من كراهة أو حرمة، وهذا كلُّه مع ملاحظة أن يكون القرآن مخطوطاً بشكل ظاهر ويُقرأ بأدنى تأمل .

أمّا ما اعتاده الناس في أيامنا هذه من حمل مصحف صغير الحجم جداً، فقد نصَّ الفقهاء على كراهة ذلك، ففي الدرر المختار : ويُكره تصغير المصحف وكتابته بقلم دقيق )) حاشية ابن عابدين 555) روى الأعمش عن ‘إبراهيم عن علي رضي الله عنه قال: لا يُصغَّر المصحف وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه رأي مصحفاً في يدِ رجل فقال من كتبه؟ فقال أنا، فضربه بالدرَّة، وقال عظِّموا القرآن (تفسير القرطبي 1/29)


شارك المقالة: