بداية التوجة نحو جمع القرآن
تفرق وانتشر المسلمون في البلدان، وقد نبتت أجيال جديدة تحتاج الى تدريسها القرآن، وكان قد انتشر بينهم الصَّحابة القرآن الذين تلقوه من رسول وقاموا نشروه بلهجته وقراءته المختلفة حسب الحروب السبعة المعروفة.
ومن المعروف وجود اختلاف في القراءات السبعة، وزد على ذلك تباعدالديار وقرب الناس بعهد النبوة ، ولم تكن إذ ذاك الأحرف السبعة معروفة لدى أهل تلك الأمصار.
ووجود أيضاً بعض المصاحف الموجودة عند بعض الصحابة حيث كتبها لنفسه واشتهرت بين الناس، ومنها : مصحف أبي بن كعب، كذلك مصحف عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وهذا الشيء ادى الى النزاع والخلاف في كل الأمصار حتى في المدينة المنورة على ساكنها السلام .
فقد ذكر السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القران عن ابن أبي داود في (المصاحف) من طريق أبي قلابة أنَّه قال: لمَّا كانت خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه، كان المعلم يُعلم قراءة الرجل، والمعلم يعلم قراءة الرجل، فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون، حتى ارتفع ذلك إلى المعلمين حتى كّفر بعضهم بعضاً، فبلغ ذلك سيدنا عثمان، فخطب فقال: أنتم عندي تختلفون، فمن نأى عني من الأمصار أشد اختلافاً.( الاتقان في علوم القرآن 1/188)
قرار عثمان في جمع القرآن .
عندما تظافرت جميع الأسباب عند سيدنا عثمان لجمع القرآن، وبعدما رأى اختلاف الناس في كتاب الله تعالى, وجاءته الأخبار من سيدنا حذيفة بن اليمان، عند ذلك تدارك الموقف وجمع كبار الصحابة رضي الله عنهم واستشارهم، فأجمعوا على استنساخ المصاحف، إلى الأمصار وإحراق ما عداها، وتكون النسخ المعتمدة هي النسخ التي تمَّ إرسالها.
وقد بدأ سيدنا عثمان رضي الله عنه بتنفيذ القرار المُجمع عليه من كبار الصحابة في عصره ، وتمَّ تشكيل لجنة من خيرة الصَّحابة حفظاً وإتقاناً وعلماً وضبطاً لكتاب الله العزيز، وهم سيدنا زيد بن ثابت، وعبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، رضوان الله عليهم .
وبدأ تنفيذ القرار وتعيين اللجنة التي تمَّ تعيينها، وبعدها أرسل سيدنا عثمان رضي الله عنه إلى السيدة حفصة رضي الله عنها، الصُحف التي كانت موجودة عندها، لتكون هي العمدة والمرجع لهم- لكونها جمعت على النهج الذي كتب به القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم .