ونستطيع تعريفها بأنّها تلك الحركة التي يضفيها التصوير القرآني على اللوحة القرآنية الصّامتة فتدب فيها الحياة، ويقوم بتحويلها إلى منظر جميل حي متحرك، فهو لا يكاد يعبّر بالصورة المحسّة والمتخيلة – عن المعنى الذهني أو الحالة النفسية – حتى يرتقي بالصورة التي رسمها فيمنحها الحياة التي تنبض بالحركة المتجددة ، فإذا المعنى الذهني حركة يرتفع بها نبض الحياة، وإذا الحالة النفسية لوحة متحركة أو مشهد حي.
أمثلة :
﴿ وَتَرَى ٱلۡأَرۡضَ هَامِدَةࣰ فَإِذَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡهَا ٱلۡمَاۤءَ ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡ وَأَنۢبَتَتۡ مِن كُلِّ زَوۡجِۭ بَهِیجࣲ﴾ [الحج ٥] تدبر وتفكر كيف تحولت الأرض الجامدة الهامدة كائناً حياً مختلفاً ، بلمسة من كلام رب العالمين في لفظة واحدة ( اهتزَّت) تشعر أنَّها ذلك الكائن الحي الذي أخمد الظمأ أنفاسه وحياته، حتى إذا مسَّ الماء أحشاءه عادت إليه الحياة وانبعث فيه النشاط.
– ﴿وَٱلَّیۡلِ إِذَا عَسۡعَسَ (١٧) وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولࣲ كَرِیمࣲ (١٩) ذِی قُوَّةٍ عِندَ ذِی ٱلۡعَرۡشِ مَكِینࣲ (٢٠)﴾ [التكوير ١٧-٢٠] فالحياة تخلع – في هذه الآية – على الصبح وكأنَّه حيّاً يتنفس معه الحياة، وتشرق بإشراقة من ثغره، ويدب النشاط في الأحياء على وجه الأرض والسماء.
التجسيم والتضخيم :
الذي يطلع على مظاهر التصوير الفني القرآني الذي يجسم المعنويات ويضخمها، ويبرزها بصورة وكأنَّها أجسام أو أشياء محسوسة مشاهدة – على العموم – تتعاظم وتتضاخم -على حسب الجو، والمشهد حتى تملأ شعوراً وإحساساً.
ومن أمثلة ذلك : ﴿قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ﴾ [الأنعام ٣١]
شاهد كيف تجسم الآية الأعمال السيئة، وكأنَّك تشاهد أحمال مثقلة، تنوء بحملها ظهور أولئك الفاسقين والكافرين يوم القيامة .
- قوله تعالى ﴿ مَّا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمࣲ وَلَا لِـَٔابَاۤىِٕهِمۡۚ كَبُرَتۡ كَلِمَةࣰ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَ ٰهِهِمۡۚ إِن یَقُولُونَ إِلَّا كَذِبࣰا (٥)﴾ [الكهف ٤-٥] ففيه تضخيم وتفظيع على الله تعالى لافترائهم على الله تعالى بقوله ( وَیُنذِرَ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدࣰا )
- ومثال قوله تعالى ﴿وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ﴾ [الأنعام ٣٥].