ترك الله سبحانه وتعالى للإنسان أن يتعلم بعض الأمور المتعلقة في حقائق الخلق والخالق بنفسه، لكن هناك بعض الأمور التي لا يمكن للعقل الإنساني أن يعرفها أو يكتشفها فقط من خلال التدبر والتفكير، مثل بعض صفات الله تعالى، لذلك جاء في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة ما يدل على وجود تلك الصفات، وسنتحدث هنا عن إدراك وجود الله تعالى، ومعرفة صفاته عن طريق النصوص الشرعية.
التعرف على صفات الله تعالى:
تعتبر النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تحدثت عن صفات الله عز وجل وأسمائه، إحدى السُبل التي توصل الإنسان للتعرف بالله تعالى، وهو الطريق النيّر الذي تؤتمن عواقبه، فلا شك ولا ريبة في كلام الله تعالى، وكلام رسوله _صلى الله عليه وسلم_، في الدلالة إلى وجود الله والتعرف به، كما أنها نصوص أكثر قدرة على توضيح الحقائق والتعبير عنها، مما لو تكلّم فيها البشر.
ويجب التأكد من أنّ النصوص المعروضة سليمة من التحريف والتزييف، وعلى الإنسان أن يُبدل أفكاره ومعتقداته بما يتوافق مع ما جاءت به النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.
إدراك العقل لصفات الله تعالى:
جاءت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة بما يتحدث عن صفات الله تعالى، وكانت الصفات المذكورة في النصوص الشرعية على مستويين:
الأول: نوع من الصفات لا يستطيع العقل أن يدركها ويتعرف عليها، إلا بوجود نص يدل عليها، مثل إثبات أن الله تعالى له يد وله وجه.
الثاني: نوع من الصفات يمكن للعقول أن تدركها وتتعرف عليها، دون وجود دليل شرعي أو نص يوحي بها، فالعقل السليم يدرك أن الله سبحانه وتعالى قادر وحكيم، من خلال ما يراه من عظمة في الخلق، وحكمة في تدبير الكون.
ومهما بحث العلماء في صفات الله تعالى، فلن تكن لهم القدرة على استقصاء جميع هذه الصفات، لكن كان بإمكانهم دراسة جملة منها، لتحقيق الهدف المنشود من التعرف إلى صفات الله تعالى وإدراكها.
بعض صفات الله تعالى:
وللسير على ما انتهجه العلماء في دراسة صفات الله تعالى نذكر منها ما يلي:
- لله الذات: الله سبحانه وتعالى له ذات تتصف بالكمال، وتتنزه عن النقص، فقال تعالى: “اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ”سورة البقرة 255.
- لله النفس: الله تعالى له نفس تليق بعظمته وجلاله، ليس لها أي علاقة أو شبه بنفوس المخلوقات، مكتوب عليها الرحمة، وورد الدليل على ذلك في كثير من النصوص القرآنية، كقوله تعالى في سورة الأنعام 21: “قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ”.
- وجه الله: يُؤمن المسلمون بأن لله تعالى وجه، ليس كوجوه مخلوقاته، وذلك استناداً لما جاء في النصوص القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، فقال الله سبحانه وتعالى: “وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ” سورة الرحمن 27.
- لله جل وعلا يدان: قال الله سبحانه وتعالى: “وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء” سورة المائدة 64، ونستدل من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى له يدان تليقان بكمال صفاته، وجلال مكانته. ويبسط الله تعالى يديه لعباده بالليل والنهار، فاتحاً لهم باب التوبة والمغفرة.
وهناك العديد من الصفات التي تختص بجلاله سبحانه وتعالى، كاستوائه على العرش، ونزوله سبحانه وتعالى إلى سماء الدنيا، وكلامه متى شاء وكيفما يشاء، ومحبته عز وجل وغضبه، ويتميز بقوميته وسمعه وبصره، فسبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العظمى.