اقرأ في هذا المقال
وجوب القتال والحث عليه والأمر بالاستعداد للقتال هو الأمر المهم الذي كانت تقتضيه تلك الأحوال التي حدثت، ولو كان هناك قائد قوي يسير ( يَعْرِفُ مَا عِنْدَهُمْ عَنِ اخْتِيارٍ ) الظروف والأمور لأمر جنده بأن يكونوا مستعدين لكل الطوارئ، فكيف بالله رب العليم المتعال القوي، فالظروف والأحداث كانت تقتضي أن يكون هناك حرباً وعراكاً داميًا كبيراً وشديداً بين موقف الحق وموقف الباطل، حيث كانت حادثة سرية الصحابي عبد الله بن جحش رضي الله عنه قد وجهت ضربة قوية وقاسية للمشركين وحميتهم الكبيرة، حيث سببت هذه الضربة ألماً كبيراً لهم، وتركت المشركين يتقلبون مثل الجمر.
وكانت آيات أمر المسلمين بالقتال تدل بفحواها على أقتراب العراك الكبير والدامي بين المسلمين والمشركين، وأن النصر دائماً والغلبة تكون فيه لجيش المسلمين، في آيات القتال كان يأمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بإخراج الكفار من حيث أخرجوهم، وكيف يعلمهم الله سبحانه وتعالى أحكام الجند المتغلب في الأسارى، وأن الإثخان في الأرض حتى تضع الحرب أوزارها ، فكانت تلك الأحداث جميعها تشيرة إلى غلبة ونصر جيش المسلمين، ولكنّ الله سبحانه وتعالى ترك كل تلك الأمور غير ظاهرة حتى يأتي كل رجل مسلم بما فيه من القوة والتحمس للقتال في سبيل الله.
وفي تلك الأيام وتحديداً في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة كان أمر الله سبحانه وتعالى بتغيير وبتحويل قبلة الصلاة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، حيث أفاد كل هذا أنّ الضعفاء والمنافقين من طرف اليهود الذين كانوا قد دخلوا بين صفوف المسلمين لإثارة المشاكل والبلبلة، قد انكشفوا وابتعدوا عن المسلمين، وعادوا إلى ما كانوا عليه، وكان ذلك الأمر تطهيراً لصفوف المسلمين من الكثير والعديد من أهل الغدر والخيانة والنفاق والكذب.
وكان أيضاً في تغيير اتجاه القبلة إشارة جميلة ولطيفة في بداية دور جديد، لا ينتهي هذا الدور إلّا بعد احتلال المسلمين هذه القبلة ، لأنّه من العجب العجاب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم، وحتى إن كانت القبلة بيد الأعداء فعلاً، فلا بد من يأتي يوم يتم تخليصها من أيدي هؤلاء الأعداء. وبهذه الأوامر والإشارات الربانية، أزداد نشاط وقوة المسلمين، وأيضاً اشتد شوقهم إلى القتال والجهاد في سبيل الله تعالى، وأنّ مواجهة العدو في أي معركة فاصلة تدور دائماً حول إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى.