هناك من لا يستطيع توفير نفقات العلاج لنفسه ولأفراد أسرته؛ بسبب ارتفاع أجور بعض الأطباء والمستشفيات وأسعار الأدوية، خاصة إذ احتاج أحد أفراد الأسرة إلى العلاج المستمر والأدوية الدائمة، لمن يُعانون من الأمراض المزمنة، فيلجأ رب الأسرة إلى البحث عن هيئات أو مؤسسات، توفّر التأمين الصحي له ولأفراد أسرته بأقل التكاليف.
مفهوم التأمين الصحي:
التأمين الصحي هو أن يتعاون مجموعة من الأفراد يعملون في هيئة أو مؤسسة، بدفع مبلغ مالي دوري سنوي أو شهري، لتأمين متطلّبات العلاج لمن يُصيبه المرض ضمن شروط معيّنة، ويبقى المبلغ تبرّعاً لوجه الله تعالى إذا لم يحتاج الشخص إلى العلاج.
ويقوم بتنظيم آليات التأمين الصحي مؤسسات منظمة، بإدارات وبرامج محدّدة من السلطات الحكومية في الدولة، حيث تقوم بجمع الاشتراكات، وتحديد المنتفعين من التأمين الصحي الذي تقدمه، وتدفع تكاليف العلاجات والأدوية لمن يحتاجها، كما أنّ هناك شركات خاصّة تقدّم خدمات التأمين الصحي للعاملين فيها، وقد تكون اشتراكات مباشرة للحصول على التأمين الصحي، في شركات متخصصة بذلك دون اشتراط العمل بها.
أسس نظم التأمين الصحي:
يقوم التأمين الصحي على نفس مبدأ التأمين التعاوني، إلّا أنه يتخصّص في تأمين المجال الصحّي للمؤمّن، ويتولّى تكاليف العلاج والأدوية اللازمة للمؤمّن أو أفراد أسرته، ويكون ذلك إما بدفع كافة التكاليف أو تغطية نسبة معيّنة، حسب الآليات والبرامج المتعلّقة بنظم التأمين الصحي للمؤسسة التي ينتمي لها المؤمّن.
الحكم الفقهي لنظم التأمين الصحي:
يتّبع الحكم الفقهي للتأمين الصحي النظام المتبع في المؤسسة المنظّمة، ويكون كما يلي:
- نظام التأمين الصحي الحكومي، ويتضمّن اقتطاع نسبة محدّدة من الراتب الشهري للموظّف، مقابل دفع تكاليف العلاج التي تلزمه من قِبل الدولة، ويندرج هذا النظام تحت مبدأ التأمين الاجتماعي في المضمون والحكم الشرعي، فهو جائز شرعاً.
- نظام التأمين الصحي التابع للشركات الخاصة الذي يُقدَّم للعاملين فيها، وهو جائز شرعاً، حيث يأخذ نفس الحكم الشرعي للتأمين الصحي الحكومي؛ لأنّه لا يختلف عنه سوى أنّه تابع لشركة خاصة.
- النظام الصحي التابع للنقابات والجمعيات الخيرية، وحكمه جائز أيضاً؛ لأنّه نفس آلية نظام التأمين الصحي الحكومي والخاص.
- التأمين الصحي التابع للشركات المتخصصة، يهدف لتحقيق الربح وهو عقد يقوم على الاحتمالية والجهالة في وقوع الإصابة أو الحاجة للعلاج، وهنا المؤمّن يدفع المال دون معرفة مصيره، فقد لا يحتاجه أو يحتاج أكثر منه بكثير، وهذا مبدأ الغرر والربا وهو مبدأ غير جائز شرعاً.