لقد كان كل تفكير النبي والمسلمين بعد عقد صلح الحديبية مع قريش هو كيفية القضاء على بقية الأحزاب المعادية للنبي والمسلمين، والتي كانت دائماً ما تشكل خطراً كبيراً على المسير في نشر الدعوة الإسلامية.
خروج المسلمين إلى خيبر
أقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة عندما عاد من صلح الحديبية، وبعد ذلك استعد النبي للخروج في شهر محرم إلى خيبر، وقد قال مفسري القرآن الكريم إنّ خيبر كانت من وعود الله سبحانه وتعالى التى وعدها للمسلمين، فقال عزّ من قال في محكم كتابه الكريم: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)…سورة الفتح، وكان يقصد الله سبحانه في الآيات بصلح الحديبية، والمغانم الكثيرة كان قد قصد الله بها هي خيبر.
الجيش الإسلامي
ومن المعروف أنّ ضعفاء الإيمان من الناس وأيضاً المنافقين قد تخلفوا عن الخروج مع رسول الله في غزوة الحديبية، حينها أنزل الله آيات في محكم كتابه، وأمر الله عز وجل نبيه محمداً بأمر من خلال تلك الآيات، فقال عزّ من قال: ( سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ۖ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ۚ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ ۖ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا )…سورة الفتح .
وعندما استعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إلى خيبر، أخبر وأعلن أنّه لن يخرج معه أي أحد لا يرغب في الجهاد، حينها لم يخرج للجهاد مع النبي سوى أصحاب الشجرة، وكان عدد أصحاب الشجرة ألف وأربعمائة معاهد، وأمَّر النبي حينها على المدينة المنورة الصحابي الجليل سباع بن عرفطة الغفاري، وفي نفس الأوقات التي خرج فيها النبي إلى خيبر قدِم الصحابي الجليل أبو هريرة إلى المدينة المنورة مسلماً، عندها كان مع الصحابي سباع بن عرفطة في صلاة الصبح، وعندما انتهى من الصلاة جاء إلى سباع وزوده، حتى قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلّم وقتها المسلمين فقاموا وأشركوه وأصحابه في سهمانهم .
وقد استمر المنافقون في أعمالهم ضدّ النبي والمسلمين، واستمرو بالعمل مع اليهود، فقد بعث رأس المنافقين وزعيمهم عبد الله بن أبي بن سلول إلى يهود خيبر يخبرهم أنّ محمداً وجيشه قد قصدوا خيبر وتوجهوا بجيش إليكم، وطلب من يهود خيبر أخذ الحذر منهم، وطلب منهم عدم الخوف منهم أيضاً، لأنّ اليهود كانوا يملكون عدداً وعدّة أكثر، وأخبرهم أنّ قوم محمد أقل منهم بكثير، وأنّ جيش المسلمين عُزّل لا يملكون من السلاح والعدّة إلا القليل، وعندما وصلت هذه الأخبار إلى أهل خيبر، بعثوا كنانة بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس إلى قبيلة غطفان يطلبون منهم السّند؛ لأنّ غطفان هم من حلفاء يهود خيبر، وشرطوا أنّ لهم نصف الثمار في خيبر إن هم غلبوا المسلمين في معركتهم ضدّهم .