الشرط شرعاً

اقرأ في هذا المقال


الشرط في اللغة : العلامة البارزة، وعند العلماء: ما يعتمد الشيءٌ على وجوده، و لو كان خارجاً عن حقيقته، ولايلزمُ من وجوده وجودُ شيءٍ، ولكن والمراد به: وجوده الشرعي الذي تترتب عليه آثاره الشرعية، كالوضوء للصلاة، وحضور الشاهدين لعقد النكاح، فالوضوء شرط لصحة الصلاة الشرعية التي تترتب عليها آثارها من كونها صحيحةً مجزيةً مبرئةً للذمة، وليس الوضوء جزءاً من حقيقة الصلاة، وقد يوجد الوضوء ولا توجد الصلاة، وحضور الشاهدين في عقد النكاح شرط لصحة النكاح، بحيث يستتبع أحكامه وتترتب عليه آثاره، ولكن ليس حضور الشاهدين جزءًا من حقيقة عقد النكاح وماهيته، وقد يحضر الشاهدان ولا ينعقد النكاح.

الشرط والركن:

يتفق الشرط مع الركن حيث أنّ كلًا منهما يعتمد عليه وجود الشيء وجودًا أصليًا ويختلفان في أنّ الشرط لا يعتمد على الحقيقه، أما الركن فجزء من الشيء نفسه ويعتمد على الحقيقه، کالركوع في الصلاة، فهو ركن فيها إذ هو جزء منها، ولا يتحقق وجودها الشرعي بدونه، والوضوء شرط لصحة الصلاة إذ لا وجود لها بدونه، ولكنّه أمر حقيقي، ومثل الإيجاب والقبول في عقد النكاح، فكل منهما ركن فيه؛ إذ هو جزء من حقيقته، وحضور الشاهدين شرط لصحته، ولكنّه خارج عن حقيقته.

الشرط والسبب :

يتفق الشرط مع السبب من حيث إن كلً منهما مرتبط بشيء آخر بحيث لا يوجد هذا الشيء بدونه، ولا يرتبط أحدهما بجزء من حقيقته، ويختلفان في أنّ وجود السبب يتطلب وجود المسبب إلّا لمانع، فالسبب يفضي إلى سببه بتقدير من الله، أمّا الشرط فلا يلزم من وجوده وجود المشروط فيه.

أقسام الشرط:

الشرط يتعلق بالسبب أو المسبب و ينقسم إلى شرط للسبب وشرط للمسبب، شرط السبب: هو الذي يقوي السبب ويجعل أثره مترتبًا عليه، مثل:الحرز المسروق شرط للسرقة التي هي سبب لوجوب الحد على السارق، ومرور الحول على نصاب المال شرط للنصاب الذي هو سبب للزكاة، والشهادة في عقد النكاح شرط لجعل هذا العقد سببًا لترتب الآثار الشرعية عليه، والشرط للمسبب، مثل: موت المورث حقيقةً أو حكماً وحياة الوارث وقت وفاة الموروث، فهما شرطان للإرث الذي سببه القرابة أو الزوجية أو العصوبة.


وينقسم الشرط من حيث مصدره إلى: شرط شرعي وشرط بشري، فالشرط الشرعي: هو ما كان مصدر اشتراطه الله، أي أن الله هو الذي اشترطه لتحقيق الشيء، ومثاله: بلوغ الصغير سن الرشد لتسليم المال إليه، ومثاله سائر الشروط التي اشترطها الشارع في العقود والتصرفات والعبادات والجنايات، والشرط البشري: هو ما كان مصدر اشتراطه إرادة الإنسان، کالشروط التي يشترطها الناس بعضهم على بعض في عقودهم وتصرفاتهم، أو التي يشترطها المكلف في تصرفه الذي يتم بإرادته المنفردة كالوقف، وهذا الشرط على نوعين: النوع الأول: ما يتوقف عليه وجود العقد، بمعنى: أنّ الإنسان يضع العقد معلقا ًعلى عمل الشرط الذي اشترطه، ولهذا فهو من شروط السبب، مثل: تعليق الكفالة على عجز المدين عن الوفاء، أو تعليق الطلاق على أمر، كأن يقول الزوج لزوجته: إن سرقت فأنت طالق. ويسمى هذا النوع من الشروط: بالشرط المعلق، والعقد المشتمل عليه: بالعقد المعلق.

ما لا يقبل التعليق:

ليس كل العقود تقبل التعليق فمنها لا يقبل اعتماده على شرط وهي عقود التمليك التي يحصل من خلالها ملك العين، بعوض أو بغير عوض، وأيضاً عقد النكاح ومنها: ما يقبل أعتماده على الشرط الملائم، مثل: كفالة ثمن على شرط لاستحقاق المبيع، تعليقه على أي شرط، حتى ولو كان غير ملائم کالوكالة، النوع الثاني: الشرط المقترن بالعقد، مثل: النكاح بشرط أن لا يخرج الزوج زوجته من بلدتها: أنّ الشرط التعليقي، المعلق يجوز حتى في عقود التمليكات إذا كانت هناك حاجة إليه أو مصلحة فيه أو ضرورة له، من الفقهاء مختلفون فيما يجوز اقترانه من الشروط بالعقود: فمنهم المضيق، وكالبيع بشرط أن يقدم المشتري كفيلاً بالثمن، أو بشرط أن يسكن البائع في الدار المبيعة لمدة سنة، والمضيقون يلغون إرادة المكلف، ويجعلون الأصل في العقود والشروط التحريم، إلّا إذا ورد النص الشرعي بالإباحة، وهؤلاء هم الظاهرية ومن تابعهم، والموسعون يطلقون إرادة المكلف، ويجعلون لها سلطاناً كبيراً في باب العقود والشروط، إذ الأصل عندهم الإباحة في الشروط والعقود، وهؤلاء هم الحنابلة ومن تابعهم، وأوسع الحنابلة في هذا الباب ابن تيمية.


شارك المقالة: