كثُرت السير التي تتحدث عن حياة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، حيث تنوعت تلك القصص واختلفت، ومن بين تلك القصص هي قصة الصحابي الذي دخل الجنة ولم يسجد لله أي سجدة، وفي هذا المقال سوف نتناول التحدث عنه.
الصحابي الذي دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة
وهو أحد صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام الكرام رضوان الله عليه، وهو عمرو بن ثابت بن وقيش، وفي رواية أخرى يُقال له: “أقيش”، بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل من الأنصار.
وقبيل إسلامه ما كان يمنعه من الإسلام أنَّه كان يملك مالاً من الربا، وكان يخشى على هذا المال من الإسلام، بمعنى أنَّه إذا أسلم ضاع عليه هذا المال الربوي، وكره الإسلام خشية على هذا المال، فعندما كان يوم أُحد، فإنَّ الله تعالى قذف ودبَّ الإسلام في قلبه، وجاء يومها يسأل وهذا عن بني عمه، إلى جانب سؤاله عن أُناس كانوا من قومه.
فقيل له آنذاك: “إنَّهم خرجوا لقتال المشركين بأُحد، فخرج للجهاد، فشاهده البعض من المسلمين، فقالوا له: إليك عنَّا، فقال لهم: إنّي آمنت، وبعد ذلك قاتل إلى أن أثبتته جراحه، وأقبل على الموت مشرفاً، فعندها حملوه إلى قومه والذين كانوا من بني الأشهل، فسألوه عندها عن السبب الذي أتى به إلى هذه المعركة، أهو حمية لقومه؟ أو غضب لله تعالى ولرسوله، فأجابهم: بل غضب لله ورسوله، وبعد ذلك توفي شهيداً وحينها لم يصل ولا صلاة واحدة لله.
وبعد ذلك أقبلوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يخبروه عن أمر الصحابي عمرو بن ثابت بن وقيش، فحينها قد شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام بالجنة وقال حينها: “إنَّه لمن أهل الجنة”.
ذُكرت قصة هذا الصحابي في الكثير من الكتب التي تتحدث عن سير الصحابة الكرام، ومنهم أبو داود في كتاب “سننه”، الطبراني في كتابه: “المعجم الكبير”، وأبو النعيم في كتابه “معرفة الصحابة”، وغيرهم كالبيهقي في السنن الكبرى.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه عن هذا الصحابي: “كان يقول: حدثوني عن رجل دخل الجنة ولم يُصلِّ قط، فإذا لم يعرفه الناس سألوه: مَن هو؟ فيقول: أُصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش، وقال الحُصين: فقلت لمحمود بن لبيد: كيف كان شأن الأصيرم؟ قال: كان يأبى الإسلام على قومه، فلما كان يوم أُحد وخرج رسول الله صلَّ الله عليه وسلَّم إلى أُحد: بدا له الإسلام، فأسلم، فأخذ سيفه، فغدا حتى أتى القوم، فدخل في عرض الناس، فقاتل حتى أثبتته جراحه.
قال: فعندما رِجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتالهم في المعركة، إذ هم به، فقالوا: والله إنَّ هذا للأُصيرم، وما جاء؟ “بمعنى ما الذي أتى به إلى أرض المعركة”، فقالوا: لقد تركناه وإنَّه لمنكِر لهذا الحديث، وقالوا له: ما جاء بك يا عمرو، أحدباً على قومك، أو رغبة في الإسلام؟، فأجابهم: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله، وأسلمت، ثم أخذت سيفي، فغدوت مع رسول الله فقاتلت حتى أصابني ما أصابني، قال: ثم لم يلبث أن مات في أيديهم.
من هو الصحابي الأصيرم
وهو عمرو بن ثابت الذي يُلقب بالأصيرم “ووفقاً للمعجم العربي أنَّ الأصيرم بمعنى القوة”، توفي رضي الله عنه في السنة الثالثة من الهجرة في جبل أحد في المدينة المنورة، من قبيلة سعد بن معاذ، يعتبر الصحابي الكريم حذيفة بن اليمان خاله رضي الله عنه، كما وذُكرت هذه القصة قد ذكرها الكثير من كتب السيرة والسنة، وخاصة فيما يتعلق بإسلامه رضي الله عنه، يُعد أحد الصحابة الكرام من بني الأشهل وهذا من الأوس، أسلم رضي الله عنه في يوم معركة أُحد، وقتل آنذاك، وهو الذي لم يصلِّ ولا صلاة واحدة.
فعندما أسلم الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه، أسلمت كل قبيلته إلّا الصحابي الأصيرم، حيث أنَّ إسلامه تأخر إلى أن جاء يوم أُحد، وفي لحظة واحدة انتقل رضي الله عنه من الكفر إلى الإسلام، كما وأنَّه أصبح أحد الشهداء في يوم أحد ومن أهل الجنة، ولم تتجاوز حياته رضي الله عنه في ذلك الدين الحنيف نصف يوم واحد فقط، وكانت آخر كلماته أنَّه قاتل في سبيل الله تعالى، ولهذا عندما قالوا لسيدنا محمد عليه السلام عنه قال لهم أنَّه من أهل الجنة، فسبحان الله.