الصفات الخُلقية للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

اقرأ في هذا المقال


الصفات الخُلقية للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:

لقد شهد الله – سبحانه وتعالى- لرسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بكمال الصفات وأيضاً بعِظم الأخلاق، حيث قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: “وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ”، وهو الأمر الذي جعل قلوب البشر تتعلّق به وتتخلّى في سبيل محبّته عن كل ما كان يربطها بالجاهلية.

بعض الصفات الخُلُقيّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

الصدق:

تُعدّ صفة الصدق من الصفات الأصيلة والمعروفة والمشهورة في شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عُرف عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل مجئ دين الله الإسلام بصفة الصادق الأمين، حيث قد شهد له بتلك الصفة العظيمة عدوه قبل صديقه، إذ أنهم لم يعهدوا على النبي محمد كذباً قط، وعرفوه صادقاً مع نفسه عليه الصلاة والسلام، وأيضاً صادقاً مع ربه، ومع أهله ومع الناس أجمعين.
وقد كان النبي الكريم محمد صادقاً في كلامه، وكان عليه الصلاة والسلام صادقاً أيضاً في نيّته وفي أعماله، وقد أمر النبي الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- أمّته بالصدق، وأمرهم باجتناب الكذب، وقد بيّن لهم أنّ صفة الكذب هي من صفات المنافقين، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “آية المُنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذَبَ، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤْتُمن خان”.(صحيح البخاري)

التواضع:

لقد ضرب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أجمل وأروع الأمثلة بتواضعه عليه الصلاة والسلام، فقد كان النبي الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- سيد المتواضعين، حيث كان عليه الصلاة والسلام يجيب دعوة المسلمين من فقيرهم ومن غنيهم، من عبدهم ومن حرهم، وكان يقبل هديتهم، وكان النبي محمد يعيد مرضاهم، وكان النبي الكريم يجلس على الأرض والحصير والبساط، وكان سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- يقول: “لا تُطْروني، كما أطْرَتِ النصارى ابنَ مريمَ، فإنما أنا عبدُه، فقولوا: عبدُ اللهِ ورسولُه”.

وكان تواضع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هي حجّة على كل متكبّر، فكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخفض جناحه للصغير والكبير، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يخفض جناحه للقريب والبعيد، وكان النبي محمد يلين جنبه لمن كان يخالطهم، وكان تواضع النبي محمد هو سبباً في خدمة أهله والرّفق به، ولقد سُئلت أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى الله عنها- عن فعل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في بيته، فقالت رضي الله عنها: “كان بشرًا من البشرِ: يَفْلِي ثوبَه، و يحلبُ شاتَه، ويخدم نفسَه”، وقد كان أبرز ما يظهر من تواضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع الضعفاء من الناس ومع أصحاب الحاجات، “فكان إذا مرّ على الصبية الصغار سلّم عليهم، ولاطفهم بكلمة طيبة ولمسة حانية”.

الشجاعة:

تعتبر صفة الشجاعة هي من الأخلاق العظيمة التي يتحلّى ويتصف بها الرجال الأقوياء الذين لا يعرفون الخوف أبداً ولا يرضون أبداً العجز والخور والضعف، وقد حثّ الله -سبحانه وتعالى- عباده بالتحلّي بتلك الصفة العظيمة، فالمؤمن القوي هو خيرٌ وأحب إلى الله عز وجل من المؤمن الضعيف، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو مثالاً يُقتدى به في صفة الشجاعة والثبات، والمواقف والأحداث في سيرته العظيمة العطرة هي خير دليلٍ على ذلك، فحينما تآمر كفار قريش على قتل النبي محمد، وقد أحاط فرسانهم المدجّجين بالسلاح بمنزله عليه الصلاة والسلام، ومع كل ذلك لم يرتعد للنبي محمد طرف، ولا ارتجف للنبي محمد جفن، بل كان النبي محمد ثابت القلب شجاعاً، حتى أن النبي محمد نام في فراشه في تلك الليلة، ومن ثم خرج عليهم في منتصف الليل وأحث التراب على وجوههم، ومن ثم مضى عليه الصلاة والسلام في طريقه.

الرحمة:

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرحم الناس، فقد قال سبحانه وتعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ”، وممّا يدل ويثبت على أنّ صفة الرحمة هي متأصّلة في قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ردّه عليه الصلاة والسلام عندما قيل له أُدع على المشركين، حيث قال النبي محمد: “إني لم أُبعَثْ لعَّانًا، وإنما بُعِثتُ رحمةً”، وقال الله -سبحانه تعالى- مخاطباً رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”، حيث قد حث النبي الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- أمته على أهمية التحلي بخلق الرحمة، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “الرَّاحمونَ يرحمُهُمُ الرَّحمنُ، ارحَموا من في الأرضِ يرحَمْكم من في السَّماءِ”.

وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إذا سمع بكاء الصبي وهو في صلاة الجماعة هم يسرع في الصلاة وذلك رحمةً بأمّه، وكان عليه الصلاة والسلام يحمل ابنة بنته وهو في صلاته، إذا قام النبي حملها وإذا سجد وضعها.

دائماً للبشر:

كان النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- دائم البشر وكان سهل الخلق، وكان عليه الصلاة والسلام ليّن الجانب، حيث كان يتغافل عما لا يشتهي، وكان عليه الصلاة والسلام لا يُيَئّس راجيه، وكان سيدنا محمد إذا تكلّم جلس الصحابة الكرام رضوان الله عليهم يستمعون للنبي كأنّما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت النبي محمد تكلّموا، وكان صلى الله عليه وسلم لا يقطع على أحدٍ حديثه.

العدل:

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يُقتدى ويحتذى به في العدل، حيث كانت أفعال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأقواله وحياته كلّها هو تطبيق واقعي لتلك الصفة الخُلقية العظيمة، فقد رُوي عن النبي محمد أنّه قال: “سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ”، وذكر منهم: “إمامٌ عدلٌ”، وقد حذّر رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلك أمّته من صفة الظلم أشد التحذير، حيث قال عليه الصلاة والسلام: “مَن أعانَ علَى خصومةٍ بظُلمٍ، أو يعينُ علَى ظُلمٍ، لم يزَلْ في سخطِ اللَّهِ حتَّى ينزعَ”.

وقد كان من أبرز وأوضح المواقف الدالة على عدل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؛ هو إقامته لشرع الله – سبحانه وتعالى- حتى ولو على أقرب النّاس إليه صلى الله عليه وسلم، حيث رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حادثة وواقعة المرأة المخزومية التي سرقت أنّه قال: “والذي نفسُ محمدٍ بيده، لو أنّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها”، وكان من أبرز وأوضح المواقف الدالة على عدل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو عدله بين أزواجه الكريمات رضوان الله عليهن، حيث قد تحمّل ما قد يقع من بعضهن وذلك بسبب الغيرة.

الصفح والعفو:

لقد كان العفو يعتبر سجيّة جليّة من سجايا النبي الكريم محمد -عليه السلام-، وكان عفو النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو دليلٌ أبلجٌ وواضح على أنّ دين الله الإسلام لا يحمل الحقد أبداً على أحد، وإنّما يعتبر هذا الدين هو رسالة تحمل العفو والصّفح عن من قام بالظلم، وعندما جاء يوم فتح مكة المكرمة، كان النبي الكريم محمد -عليه الصلاة والسلام- مستحضراً لما قام بفعله مشركو قريش من أذى، ومن اضطهاد، ومن قتل، ومن إبعاد للمؤمنين، لكنّ النبي الكريم محمد غلّب عليه جانب العفو والغفران، حيث قد عفا عنهم جميعاً.

الكرم:

لقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعتبر مثالاً يقتدى به في صفة الجود والكرم، فقد كان النبي الكريم محمد يعطي من غير أن يفكر للحظةٍ بالفقر، أو أن يفكر ينقص المال؛ لأنّ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان موقناً بأنّ الرزق بيد الله عزّ وجلّ، وعلى ثقةٍ تامة بفضل الله سبحانه وتعالى، حيث قد دلّ على ذلك قول الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه: “ما سُئل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإسلامِ شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلَينِ، فرجع إلى قومِه، فقال: يا قومُ أسلِموا، فإنَّ محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقةَ”.

وقد روي “أنّ امرأة أهدت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- شملةً منسوجةً، فلبسها النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وهو محتاج إليها، وبينما هو جالسٌ مع أصحابه رضي الله عنهم، رآها رجلٌ منهم، فقال: (يا رسولَ اللهِ، ما أحسنَ هذه، فاكسُنيها، فقال: نعم، وبعدما ذهب النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، لامَه أصحابُه، قالوا: ما أحسنتَ حين رأيتَ النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- أخذها محتاجًا إليها، ثمّ سألتَه إياها، وقد عرفتَ أنّه لا يُسألُ شيئًا فيمنعَه، فقال: رجوتُ بركتَها حين لبِسَها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، لعلي أُكفَّنُ فيها)”.


شارك المقالة: