المجلس الاستشاري في مؤتة

اقرأ في هذا المقال


لم يستطع جيش المسلمين أن يدخلوا في حسابهم وفي تفكيرهم لقاء ومحاربة مثل ذلك الجيش الرومي القوي بعدته وتعداده، والجيش الذي سيتم محاربته في تلك المنطقة البعيدة مكانياً، وهل أنّ جيش المسلين الجيش الصغير بالمقارنة مع جيش الروم الذي يصل عدده حوالي نحو ثلاثة آلاف مقاتل فقط، سيهاجم جيش هرقل عظيم الروم مثل البحر الخضم، والذي يبلغ عدد ذلك الجيش الكبير حوالي مئتي ألف جندي.

عند هذا التفكير العميق أصبح المسلمون في حيرة وقلق من هذا الأمر، وقد اقام جيش المسلمين في منطقة معان لمدة من الوقت تقدر بليلتين، حيث كانوا يفكرون في هذا الأمر الجلل وينظرون فيه ويتشاورون فيه أيضاً حتى يصلوا إلى طريق يحققون فيه النصر على ذلك الجيش الكبير.

ثم قال المسلمين نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نخبره بعدد جيش العدو، فإمّا أن يرسل النبي محمد صلى الله وسلم أمداداً بالرجال، وإمّا أن يامرنا النبي بأمر فنمضي لهذا الأمر، ولكن الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه كان له رأي آخر، حيث عارض هذا الرأي من المسلمين، وقام بتشجيع جيش المسلمين قائلاً لهم: ( يا قوم والله إنّ التي تكرهون التي خرجتم تطلبون( ويقصد الشهادة)، وأكمل قوله أنّنا ما نقاتل العدو بعدة ولا قوة ولا كثرة منهم، وقال أنّ ما نقاتلهم إلّا بهذا الدين الإسلامي الذي أكرمنا الله تعالى به، فانطلقوا للقتال فإنّما هي إحدى الحسنيين إمّا ظهور وإمّا شهادة).

وبعد ذلك الكلام من الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لجيش المسلمين استقر الرأي بينهم على ما دعا إليه عبد الله بن رواحة.

وبعد أن نزل جيش المسلمين مدّة من الوقت تقدر بليلتين في منطقة معان، تجهز الجيش وتحرك إلى الأرض التي نزل بها جيش العدو، عندها لقيهم جمع من جيش هرقل بقرب من قرية في منطقة البلقاء اسم هذه القرية (مشارف)، وبعد ذلك دنا العدو وانحاز جيش المسلمين إلى منطقة مؤتة، فعسكر جيش الإسلام هناك، وتجهز الجيش للقتال، حيث جعلوا على ميمنتهم الصحابي قطبة بن قتادة العذري، وعلى الميسرة الصحابي عبادة بن مالك الأنصاري .


شارك المقالة: