وبعد أن وصلت الأخبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم من خلال استخباراته أنّ جيش قريش متجهز للحرب، عندها بدأ نبينا محمد بعقد أمر الشورى.
الاستشارة
عقد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً لبحث الأمور العسكرية وتبادل الآراء، وحتى أنّ النبي أخبرهم عن رؤيةٍ له في منامه أنّه يرى بقراً يذبح وأن سيفه ثلماً، ورأى أنّه يدخل يده في درع حصينة، وكان تفسير تلك الرؤيا أنّ البقر يذبح وتفسيره أنّ نفراً من أصحابه يقتلون، والثلمة في سيف النبي هي رجل يصاب من أهل بيت النبي، والدرع كان المدينة المنورة، ثم قدّم النبي رأيه بأن لا يخرج أصحابه من المدينة، وتكون النساء فوق البيوت، وإن دخل الكفار المدينة قاتلهم المسلمون، فوافقوا كلام النبي، وكان عبدالله بن أبي بن سلول ممّن وافقوا رأي النبي، وقد حضر الاجتماع بصفته أنّه أحد قادات الخزرج أو زعيمهم.
وقد وافق عبدالله بن أبي بن سلوس زعيم المنافقين على قول النبي حتى يبتعد عن القتال دون علم أحد بذلك الأمر، ولكن شاءت الأقدار أن تفضح أفعال زعيم المنافقين وأصحابه ويكشفها المسلمين لأول مرة، وليتعرف جيش المسلمين في أكثر الأوقات حرجاً لهم على أصحاب النفاق والكذب غير المسبوق.
حيث بادرت مجموعة من الصحابة الكرام وغيرهم من الناس ممّن فاتتهم موقعة بدر الكبرى بالإشارة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالخروج للقتال، وزاد إلحاحهم بشكل كبير، وقد كانوا يتمنون الخروج للقتال ولقاء العدو وبذل الروح من أجل رفع راية الإسلام، وحتى أيضاً لا يرى المشركون أنّ هناك جبناً من المسلمين، وكان هذا الحماس الكبير موجود في بعض الصحابة أمثال حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وهو عم الرسول الذي قدم معركة بطولية كبيرة في غزوة بدر، وعندها تنازل وتراجع النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامه لما شاهده من حماس غير مسبوق عند الصحابة، وكان قد أمر بالخروج من المدينة المنورة للقتال ولقاء العدو في أرض المعركة، وكان ذلك التنازل سبباً من الأسباب التي كشفت نفاق عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه وكشفت عنهم غطاء المكر والخيانة.