المعارك الأربعة من من معركة الفجار الرابعة
المعركة الأولى من الفجار الرابع:
فقد كان هناك رجل يدعى عبد الله بن جدعان وهو من أرفع سادات قریش بل إنّه من أرفع سادات العرب قدرًا، وكان عبد الله زعيماً عاقلاً وحكيمًا وكان واسع الثراء، فجاءه حرب بن أمية وهو حليف البراض القاتل.
وقد طلب منه أن يقوم بمنع عن هوازن سلاحها المؤمّن لديه، وذلك حتى يسهل على قبيلة قريش وقبيلة كنانة التغلب على هوازن، إذا ما دارت الحرب بينهما، حينها غضب عبد الله بن جدعان وقال عندها لحرب بن أمية: “أبالغدر تأمرني ؟ والله لو أعلم أنّه لا يبقى منها سيف إلّا ضربت به ولا رمح إلّا طعنت به ما أمسكت منها شيئاً”، ومن ثم نادى منادي ابن جدعان في عكاظ: “من كان له سلاح قِبلي فليأت وليأخذه فأخذ الناس جميعاً أسلحتهم”.
حيث انسحبت قبيلة قريش وكنانة من عكاظ خلسة، وبعد انسحابهم وهم لمَّا يزالوا في الطريق خارج الحرم أرسل عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وبقية سادات قريش يبلغون هوازن سبب خروجهم المفاجئ من عكاظ وأنّهم يخشون الاشتباك المسلح وتفاقم الأمر في السوق حيث تحضره عامة العرب، وبلغ هوازن آخر النهار قتل البراض عروة، فقال سید هوازن بعكاظ أبو البراء: “خدعني حرب وابن جدعان”، وركب فيمن حضر عكاظ من هوازن وجدَّوا على متون الخيل في أثر قريش، فأدركوهم بوادي نخلة فاقتتلوا وتدرجت قريش في الانسحاب وهي تقاتل حتى دخلوا الحرم وجن عليهم الليل، فكفت هوازن عن ملاحقتهم تهيئاً من إجراء القتال في الحرم، ولكنّهم اتَّعدوا عكاظ من العام القادم للقتال.
المعركة الثانية من الفجار الرابع:
واستعد الفريقان للمعركة الثانية ولم يكونوا محرجين أن تكون في تلك الحرب في الشهر الحرام فأوعبت (تجمعت) قريش وكنانة كما احتشدت كل قبائل هوازن ما عدا كعب وكلاب أيضاً، وقد سبقت هوازن إلى سمطة من عكاظ ، ومن ثم جاءت قبيلة قريش وكنانة، عندها التقى الفريقان وحدثت معركة رهيبة بين الفريقين حيث كان النصر في تلك المرحلة الأولى من المعركة لقبيلة قريش وكنانة، ولكنّ هوازن تذامروا وصبروا ، فاستحر ( اشتدّ واحتدم) القتل في قريش، فساندتهم قبيلة كنانة ومع ذلك الهزيمة كانت من نصيبهم آخر الأمر حيث أنّهم انسحبوا إلى جبل يدعى: “رخما”.
المعركة الثالثة من الفجار الرابع:
وبعد أن مضت مدّة سنة التقى حينها الفريقان بعكاظ في مكان يدعى: “العبلاء”، حينها اقتتلوا قتالاً شديداً وكان النصر في تلك المعركة الضارية حليف قبائل هوازن على قبيلة كنانة وقريش.
فقال في ذلك الشاعر هوازن:
“ألم يبلغْك ما لاقَتْ قريشٌ … وحيُّ بني كنانة إذ أُثيرُوا
دهمناهم بأرعَنَ مكفهرٍّ … فظلَّ لنا بعَقْوَتِهم زئير”
المعركة الرابعة من الفجار الرابع:
وقد تأثرت قبيلة قریش بتلك الهزيمة في العبلاء فاستعدت عندها للمعركة التالية أضخم وأكمل استعداد حتى أنّ عبد الله بن جدعان وحده قد قام بتجهيز عدد ألف مقاتل من ماله الخاص به، وقد خشيت قريش أن تغلبها قبائل هوازن كما حدث في معركة يوم العبلاء.
عندها وطن (نذروا) رجال قريش أنفسهم على الموت، وعندها التقى الفريقان في عكاظ وذلك في الشهر الحرام، وثبتت قبيلة قريش في ذلك اليوم ثباتاً عظيماً وشديداً حتى إنّ إخوة ثلاثة وهم: “حرب وسفيان وأبو سفين أبناء أميّة بن عبد شمس” قد قيدوا أنفسهم وقالوا: “لا نبرح حتى نموت مكاننا”.
ودارت معركة قوية وشديدة وضارية بين الفريقين وقد صبر الفريقان في تلك المعركة صبراً عظيماً وقد أوجع القتل بنی كنانة عندها هموا بالانهزام والانسحاب، ولكن قبيلة قريش قد حافظت أشد الحفاظ على مواقعها ومكانها في المعركة، حينها خجلت بنو کنانة، وذلك بعد أن قرروا أن يهربوا وينسحبوا، حيث عادوا للقتال صابرين، فعاد القتال إلى أرض المعركة بضراوة وشدة من جديد، وقد حملت قبائل قريش وكنانة حملة شديدة ضارية ضد هوازن، حينها شرعت العديد من قبائل هوازن في الهزيمة والهروب، عندها انهزمت كل القبائل إلّا بني نصر عندها صبروا وعقل قائدهم الذي يدعى “سبيع بن أبي ربيعة” نفسه کي تخجل هوازن، حيث نادی یا آل هوازن وقد كررها مراراً، ولكن تلك الهزيمة والهروب كانت أكبر من أن يسمع فيها أحد صوت “سبيع بن أبي ربيعة”.