بعض المسائل المهمة في الزكاة

اقرأ في هذا المقال


مسائل مهمة في الزكاة:

المسألة الأولى: لقد وجبت الزكاة في عين المال، وهي تتعلقُ بالذّمة، مثل الفضة الذهب، والإبل والبقرُ والغنم السائمة، والحبوبُ والثِمار، وذلك بخلافِ عروض التجارة التي تجبُ في ذمّة المُزكِّي، والدليلُ على وجوبها في عينِ المال، هو قول النبي عليه الصلاة والسلام: “وفي الغنم كل أربعين شاة” رواه أبو داود.

وقوله عليه الصلاة والسلام في زكاة الحبوب والثمار: “فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وما سُقي بالنضح نصف العشر” رواه البخاري. وقوله عليه الصلاة والسلام في زكاة الإبل: “فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنتُ مخاضٍ أنثى” رواه البخاري.

وهناك قوله عليه الصلاة والسلام في زكاة البقر: “وفي البقر في كل ثلاثين تبيعٍ وفي كل أربعينَ مسنة” رواه أبو داود. وقوله عليه الصلاة والسلام في زكاة الذهب والفضة: “فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمس دراهم، وليس عليك شيء، يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار” رواه أبو داود.

وهذا معنى أنّ الزكاة تجب في عين المال: أي يجب إخراج الزكاة من نفس المال؛ ولكن لها تعلقٌ بالذمة، يعني لو أتلف المال بعد وجوب الزكاة فيه وهذا المال مستقرٌ في ملكه فإنّ تلفه لا يسقطُ عنه الزكاة؛ لأنّها صارت ديناً في ذمته؛ ولأنّه عندما تم الحول كان عليه أن يُبادر بإخراجها ولكنّه تأخر. أمّا عروض التجارة فتجب زكاتها في الذمة.

المسألة الثانية: لا يُعتبر في وجوب الزكاة إمكان الأداء؛ وذلك لقول النبي عليه الصلاة والسلام: “لا زكاة في مالٍ حتى يحولَ عليه الحول”. فالمقصود في هذا الحديث هو وجوب الزكاة عند تمام الحول؛ وذلك لأنّ هذه عبادة، فلا يُشترط لوجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات، فالصوم توجب على الحائض والمريض العاجز عن أدائه، والصلاة تجب على المُغمى عليه، والنائم، والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه، أو منعه من المضي مانع، فتجب الزكاة في المال الغائب وفي الدين، فكون المالك ليس متمكناً من إخراج الزكاة؛ لغيبة ماله أو كونه ديناً لا يسوغ ذلك إسقاط الزكاة عنه.

المسألة الثالثة: لا يُعتبر في بقاء المال وجوب الزكاة؛ وذلك لأنّ الزكاة لا تسقطُ بتلف المال على الصحيح إذا تعدّى أو فرط، أمّا إذا لم يتعدّ ولم يفرط، فإنها تسقط بتلفِ المال على الصحيح. وبيان معنى التفريط: هو أن تمكن المُزكّي من إخراج زكاته ولا يخرجها، وإذا لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط، سواء كان ذلك لعدم المستحق، أو لبعد المال عنه، أو لكون الفرض لا يوجد في المال، ويحتاج إلى شرائه فلم يجد ما يشتري به، أو كان في طلب الشراء أو غير ذلك.

المسأله الثالثة: إنّ الزكاة تُشبه الدين في التركة، فإنها لا تسقط بموت صاحبها الذي يملك المال، ويجب أن تخرج الزكاة من ماله حتى وإن لم يوصِ بها؛ وذلك بدليل ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأةً جاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: إنّ أمي نذرت أن تحجّ فماتت قبل أنّ تحج، أفأحج  عنها؟ قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنتِ قاضيتهِ، قالت نعم، قال: اقضوا الله، فالله أحقُ بالوفاء” رواه البخاري. وفي رواية أخرى: أن رجلاً قال: إنّ أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال: “فاقضوا الله فهو أحق بالقضاء” رواه البخاري.

وإذا وجبت الزكاة على الميت وعليه دين برهنٍ وضاق المال قُدّم الدين برهن، فإن كان عليه دين بدون رهنٍ وضاق المال قسم المال بالحصص بين دين الله ودين الآدمي على القول الراجح”. فقد اختلف العلماء رحمهم الله فيمن مات وعليه زكاة، فجاء ذلك على عدة أقوال:

القول الأول: وهو إنّ الزكاة تؤخذ من ورثتهِ وأنها لا تسقط بموته، وهذا كان قول عطاء والحسن والزهري.

والقول الثاني: أنّ الزكاة أيضاً تؤخذ من الثُلثِ وتقدم على الوصايا ولا يحق له أن يتجاوز الثلث، وهذا رأي الأوزاعي.

أما القول الثالث: لا تُخرج الزكاة إلّا أن يوصي بها الميت، فتكون مثل سائر الوصايا تعتبر من الثلث ويُزاحم بها أصحاب الوصايا؛ وذلك لأنّها عبادة من شرطها وجود النية.

المسألة الخامسة: وأنّ الزكاة أيضاً تجبُ على الفور، فلا يجوز له أن يؤخرها مع القدرة على إخراجها والتمكن منه؛ وذلك لأنّ الأم بالزكاة يقتضي الفور؛ وذلك يستحق المؤخر للامتثال للعقاب، ولو أنّ رجلاً أمر مملوكه أن يسقيهِ فتأخر ولم يستجب على الفور استحق العقوبة، ولله المثل الأعلى.

إنّ التأخير في الزكاة يُنافي الوجوب، لأنّ الواجب ما يستحق العقاب صاحبة على تركه؛ ولأنّ الزكاةَ أيضاً شُرعت لكي تقضي حوائج الفقراء وحاجاتهم، وهي تعتبر ناجزةً فيجب أن يكون الوجوب ناجزاً أيضاً، فإذا أخّرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذوي القرابة أو ذوي الحاجة الشديدة جاز إذا كان وقتاً يسيراً وإنّ كان كثيراً لم يجز، ولكن لو عجلها إليهم قبل نهاية الحول جاز، فإنّ أخرج الزكاة ولم يدفعها للفقراء فقد ضاعت زكاته ولم تسقط عنه؛ لأنّ الزكاة هي حق متعين على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقهِ فلم يبرأ منه بذلك كدين الآدمي.


شارك المقالة: