الأمانة صفة رسولنا الكريم وصفة المسلمين، لذلك حث الإسلام على الأمانة في كل مكان وزمان، وفي كل عمل نقوم به، فحياتنا وأنفسنا، وأموالنا أمانة في أعناقنا من واجبنا الحفاظ عليها، فكيف إذن بمال الزكاة؟ فهي أموال عامة في الدولة الإسلامية، خصصها الشرع لأصناف معينة من الناس، وأكّد النبي _عليه الصلاة والسلام_ في الحرص على أموال الزكاة والصدقات، فهي أمانة يجب المحافظة عليها.
كيف نحرص على أموال الزكاة؟
يكون المتصرف بأموال الزكاة في بعض الأوقات موظفاً من قبل الحكومة في الدولة، وهو أمين عليها، ومن واجبه جمعها من الفئات التي يجب عليها أداء فريضة الزكاة، ويقوم بوضع هذه الأموال في الأماكن التي يجب أن تكون فيها، مثل صناديق الزكاة، أو حسابات خاصة باسم صندوق الزكاة في البنوك الإسلامية.
يحرم على العامل في أموال الزكاة أن يعمل بهذه الأموال لمصلحته الشخصية، أو يُخفي جزء مما جمعه من سواء كان قليلاً أو كثيراً، فهذا المال هو مال عام، لا يجوز استغلاله للمصالح الشخصية، أو الطمع فيه، وأخذه على غير حق، فقد حذر رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ من أخذ أموال الزكاة بغير الحق، وخاصة من قبل العاملين على جمعها وإدارتها.
وعن عَدِي بن عُمَيْرَةَ قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه يَقُول: “مَنِ اسْتَعْمَلْناهُ مِنكُم علَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنا مِخْيَطًا، فَما فَوْقَهُ كانَ غُلُولًا يَأْتي به يَومَ القِيامَةِ”، قالَ: فَقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ أسْوَدُ مِنَ الأنْصارِ كَأَنِّي أنْظُرُ إلَيْهِ، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قالَ: “وما لَكَ؟” قالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: كَذا وكَذا، قالَ: “وأنا أقُولُهُ الآنَ، مَنِ اسْتَعْمَلْناهُ مِنكُم علَى عَمَلٍ، فَلْيَجِئْ بقَلِيلِهِ وكَثِيرِهِ، فَما أُوتِيَ منه أخَذَ، وما نُهي عنْه انْتَهَى” رواه مسلم.
وهذا دليل على عدم جواز كتمان أي شيء من مال الزكاة، مهما كان قليلاً، ويحرم على العامل بأموال الزكاة أن يقبل عطايا أصحاب الأموال، حيث تعتبر في حكم الرشوة المحرمة في الإسلام، وإن كلن ذلك على صيغة هبة، حيث أنّ هذا العامل يتقاضى أجرته مقابل عمله من الدولة، ولا يجوز أن يأخذ زيادة على أجرته من أصحاب المال، فهو أكل أموال الناس بالباطل.
ولا يجوز للعامل على جباية أموال الزكاة أن يتهاون في جمعها، أو يتغاضى عن النقص في دفعها؛ لأن ذلك يكون على حساب الفقراء والمحتاجين، ويعتبر تصرفاً بأموال عامة لمصالح خاصة.