اقرأ في هذا المقال
- أسباب اختيار الحديث عن نماذج السودان وماليزيا والجزائر
- تجربة السودان في الهندسة المالية الإسلامية
- تجربة ماليزيا في الهندسة المالية الإسلامية
- تجربة الجزائر في الهندسة المالية الإسلامية
كان للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية دور كبير في إثبات أهمية الهندسة المالية الإسلامية، وتم دراسة مفاهيم وأسس الهندسة المالية الإسلامية، ثم وضع المحدّدات والخصائص التي يجب أن تتوافر فيها، لتتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وكان هناك تجارب في بعض الدول الإسلامية للتطبيق العملي للهندسة المالية الإسلامية، سنتحدّث عن تجارب كل من السودان، وماليزيا، والجزائر في هذا المقال.
أسباب اختيار الحديث عن نماذج السودان وماليزيا والجزائر:
قبل الحديث عن تجارب الدول المذكورة أعلاه في الهندسة المالية الإسلامية، لا بدّ لنا من الحديث عن مبررات اختيار هذه التجارب الثلاث، وهي:
- التنوّع في الأنظمة المالية: ففي كل دولة من الدول المذكورة يسود نظام مالي مختلف عما هو سائد في الدولتين الأخريين، حسب أنواع وتصنيفات المؤسسات المالية الإسلامية.
- التنوّع الجغرافي: تنتشر الدول الإسلامية عبر القارتين الآسيوية والإفريقية، فاخترنا ماليزيا من قارة آسيا، والسودان والجزائر من إفريقيا.
- قوة القطاع المالي الإسلامي: يوجد بالدول المختارة قطاعات مالية إسلامية ومتطوّرة ومزدهرة، وتعتبر من أهم المراكز للمالية الإسلامية.
تجربة السودان في الهندسة المالية الإسلامية:
النظام المالي في السودان:
يسود السودان نظام مالي إسلامي يشتمل على القطاعات المصرفية وغير المصرفية، إضافة إلى سوق للأوراق المالية، وحتى وصل هذا النظام إلى ما هو عليه الآن مرّ في مراحل عديدة، فبدأ بمرحلة الإنشاء، ثمّ التأميم، يليها مرحلة الانفتاح والسماح للدول الأجنبية بمزاولة نشاطاتها المالية في السودان، وأخيراً مرحلة أسلمة النظام المصرفي.
ومن منتجات صناعة الهندسة المالية الإسلامية في السودان، شهادات مشاركة البنك المركزي، وشهادات مشاركة الحكومة، والتي عُرفت بشهادات شهامة، بالإضافة إلى مجموعة من الأوراق المالية الإسلامية المستحدثة، كصكوك التأجير الإسلامية، وصكوك التنمية الإسلامية.
تقييم تجرية السودان في الهندسة المالية الإسلامية:
أهم ما تميّزت به تجربة الهندسة المالية الإسلامية في السودان، أنّها كانت تجرية إسلامية تعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فكان فيها سوق أوراق مالية تعمل فقط ضمن تعاليم الإسلام، كم يستبعد فيها النظام المصرفي الفائدة، وتشمل التجربة قطاعاً مالياً متكاملاً من الجانبين التشريعي والتنظيمي.
ومن إيجابيات تجربة السودان أنّه أعطت مثالاً جيّداً في نجاح العمل المصرفي والمالي الإسلامي، وتنوّعت منتجات الهندسة المالية الإسلامية في السودان، حيث شملت العديد من الأدوات والآليات التمويلية المستحدثة، إضافة إلى تكييف التقليدية منها ضمن أحكام الفقه الإسلامي.
وكان للدولة والسلطات النقدية إسهاماُ فاعلاً في نجاح التجربة، والعمل على تطوير المنتجات المالية.
تجربة ماليزيا في الهندسة المالية الإسلامية:
النظام المالي في ماليزيا:
يضم النظام المالي في ماليزيا كل من النظام المصرفي وغير المصرفي والسوق المالية، ويتّصف بشكل عام بالتطوير المستمر، والتنوّع في أدواته المالية والتمويلية، واتصف النظام المالي في ماليزيا بالحذر في التعامل مع الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعترضه.
وبعد أسلمة النظام المالي في ماليزيا، ونجاح التجارب في استثمار الأموال والودائع، على نهج النظم الإسلامية وأحكام الشريعة، رأى الجميع ضرورة تأسيس المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في البلاد، وتم ذلك بالفعل.
تم تنفيذ تجربة الهندسة المالية الإسلامية في ماليزيا، وكان من منتجاتها العديد من العمليات التمويلية، والأدوات المالية، كالاستثمار بالمضاربة في المصارف الإسلامية، وقبول الودائع واتفاقيات البيع والشراء والرهن. ومن الأدوات المالية السندات الإسلامية القابلة للتداول، وسندات المدونية، وأنواع أخرى من الصكوك، كصكوك المضاربة، والصكوك القابلة للتداول.
تقييم تجرية ماليزيا في الهندسة المالية الإسلامية:
كان للدولة دور كبير في دعم التجربة الماليزية في الهندسة المالية والعمل المصرفي الإسلامي، وكانت الريادة من خصائصها، حيث أقيم أوّل سوق نقدية إسلامية، والسماح للمؤسسات المالية الإسلامية بممارسة عملها بجانب القطاع التقليدي المهيمن في البلاد.
وتميّزت التجربة في حرفيتها في ممارسة العمل المصرفي الإسلامي وتنظيمه، إضافة إلى العالمية لأنها التجربة الوحيدة التي امتدت للأسواق المالية الخارجية، وإضافة إلى ذلك تميّزت التجربة المالزي بالعديد من الخصائص التي جعلتها من التجارب الناجحة والمتميّزة.
وقد واجهت التجربة الماليزية بعض الاعتراضات التي نشأت بسبب الاشكالات حول مدى شرعية أسس صناعة الهندسة المالية الإسلامية، وإشكالية تعميم النموذج الماليزي في صناعة المالية الإسلامية.
تجربة الجزائر في الهندسة المالية الإسلامية:
النظام المالي في الجزائر:
يتمثّل النظام المالي في الجزائر بالمؤسسات المالية المصرفية والمؤسسات المالية غير المصرفية، إلّا أنّه لا يشمل السوق المالية والنقدية، سوى جزءاً بسيطاً وقد يكون مهملاً، وبعد أن تمّ تطبيق تجربة الهندسة المالية الإسلامية في الجزائر، كانت لها العديد من المنتجات المالية، والتمويلات الإسلامية التي يتم منحها في البنوك الإسلامية.
من المنتجات المالية لتجربة الهندسة المالية الإسلامية في ماليزيا، الأدوات المالية التي تشمل حسابات الودائع، كالحساب الجاري وحساب الصكوك وحسابات العملة الصعبة، والمنتجات النقدية مثل بطاقات السحب وبطاقات السحب والدفع، والخدمات المصرفية، كإصدار الشيكات والتحويل اليدوي وغيرها.
أما العمليات التمويلية فكانت تشمل تمويل الاستغلال عن طريق الصندوق، وتمويل الاستثمارات، وتمويل الإسكانات، والسيارات وغيرها الكثير.
تقييم تجرية الجزائر في الهندسة المالية الإسلامية:
اتصفت التجربة الجزائرية في الهندسة المالية الإسلامية بالضعف، وذلك يعود إلى مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية التي اعترصتها، فهي تجربة حديثة وتم العمل بها منذ فترة قصيرة.
كما أنه كان لقلة العاملين في مجال العمل المصرفي والمالي الإسلامي، دور في ضعف التجربة، وعدم اكتمال منظومة المجال المالي والمصرفي في الجزائر.
بالإضافة إلى عدم وجود قوانين وضوابط للعمل بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وعدم وجود سوق مالية للأوراق المالية تعمل بشكل فعلي، وغيرها الكثير من التحدّيات التي حالت دون اعتماد التجربة الجزائرية في الهندسة المالية الإسلامية.