تسابق المسلمين للتجهز لغزوة تبوك
وما كان من رجال المسلمين بعد أن سمعوا صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى قتال جيش الرومان إلّا وقاموا وتسابقوا إلى امتثاله وإطاعة أوامره، حتى أنّهم قاموا يستعدون ويتجهزون للحرب والقتال بشكل سريع ومبالغ فيه.
وبعد ذلك أخذت العديد من القبائل والبطون تهبط نحو المدينة المنورة من كل مكان وصوب وناحية، وحتى أنّه لم يرض أي أحد من رجال المسلمين أن يتخلفوا عن هذه المعركة، ولكنّ الذين اختلفوا هم الذين في قلوبهم مرض، لدرجة أنّه كان يأتي أهل الحاجة وأهل الفاقة إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام يستحملون رسول الله حتى يطلبوا منه أن يخرجوا إلى قتال الروم معه، فإذا قال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ)…سورة التوبة.
كما أنّه كان يتسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات في سبيل الله تعالى، وكان الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه يقوم بتيجهز عيراً إلى الشام، وعددهم مئتين من البعير، ومئتي أوقية، حيث تصدق بها، ومن ثم جاء بألف دينار فقام بنثرها في حجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعندها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقلب الألف دينار: “ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم”، وبعد ذلك تصدق حتى أنّه وصل مقدار ما تصدق به نحو تسعمائة من البعير وأيضاً مئة فرس غير النقود.