تصارع المحاربين من نفس الأسرة بين الصفين في غزوة بدر:
وعندما علم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم برغبة فرسان المشركين الثلاثة من جيش قريش، أصدر أمره إلى ثلاثة من أسرتهم وهم، الصحابي الجليل حمزة بن عبد المطلب عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعبيدة بن الحارث، وعلي ابن أبي طالب ابن عم نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكلهم من بني عبد مناف.
حيث أمرهم عليه الصلاة والسلام بالذهاب إلى اقرابهم لمبارزتهم حسب رغبتهم، فخرجوا إليهم في الوقت نفسه، وبعد أن انتسبوا لهم وتأكدوا من أنهم من أسرتهم، قالوا: أكفاء کرام.
ومن تم أقاموا القتال بينهم، حيث انفرد كل واحد منهم بصاحبه الذي اختاره ورضيه، فبارز الوليد علياً و كانا أصغر المتبارزين، وبارز عبيدة شيبة، أما حمزة رضي الله عنه فقد بارز عتبة.
أمّا علي بن أبي طالب فلم يمهل صاحبه أن قتله، وكذلك حمزة رضي الله عنه فقد قضى على خصمه عتبة في الحال، أمّا عبيدة – وكان أسن القوم – وشيبة فقد ضرب كل منهما صاحبه ضربة قاتلة مميتة لم يقو على التحرك من موقعه بعدها من مكانه، فمات شبية مكانه، واحتمل علي وحمزة عبيدة إلى معسكر جيش المسلمين، وكان مخ فخذه المبتور يسيل دماً، وما لبث طويلاً أن لفظ أنفاسه الكريمة بين يدي نبي الله الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم.
وبينما كان يجود بنفسه ورأسه على قدمي نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، قال: “يا نبي الله صلى الله عليه وسلم، لو رآني أبو طالب، لعلم أني أحق بقوله ونسلمه حتى نصرع دونه ونذهل عن أبنائنا والحلائل”.
كانت ما انتهت به هذا المبارزة بداية غير موفقة سيئة لجيش قريش المشركين، حيث فقد جيشهم في المواجهة الأولى من المعركة ثلاثة من قادتهم وخيرة فرسانهم، فقد كان مصرع هؤلاء الفرسان الثلاثة مثابة مثيرة ساحقة ماحقة ضربة موجعة لهم.
لذلك ثار جيش قريش والمشركون غضباً، وشدوا على جيش الإسلام جيش النبي صلى الله عليه وسلم شدة رجل واحد وذلك بعد أن مهدوا لهجومهم بسيل منهمر من سهامهم ونبالهم، صبوه على صفوف جيش النبوي الإسلامي، ومن ثم اندفعوا نحوهم وبعد ذلك اندلعت نيران المعركة، ولمعت السيوف في الغزوة وكأنها الكواكب تهوى في الظلام الحالك.