الهبة هي عقد من عقود التبرعات التي تقوم على تمليك المال ومنفعته للآخرين، ولا تؤدي إلى خلافات أو نزاعات؛ لأنها تقوم على التبرع، وهي من العقود التي تنشر أُسس المحبة والتسامح بين الناس في المجتمعات الإسلامية؛ لذلك حثّ عليه الإسلام، ومن هنا يأتي الاهتمام بعقد الهبة وضرورة البحث والدراسة فيه، فما معنى الهبة؟ وما مشروعيتها في فقه المعاملات؟
تعريف الهبة:
الهبة هي عقد من العقود المالية المشروعة في فقه المعاملات المالية الإسلامية، والتي مقتضاها تمليك المال ومنفعته من المال إلى شخص آخر، دون الحصول على مقابل مادّي في الدنيا. وهناك عدّة ألفاظ تُطلق على الهبة على أساس القصد منها:
- تُسمّى الهبة صدقة إن قصد المسلم منها التقرّب من الله تعالى، والأجر والثواب في الآخرة.
- تُسمّى الهبة هدية إن قصد المسلم فيها التودّد والمحبة للشخص الموهوب.
- تُسمّى الهبة عطية إن كانت لأي إنسان قريب أو عزيز؛ بسبب مكانته عند المالك (الواهب) سواء كان ابنه أو غير ذلك.
وترتبط الهبة بالعديد من العقود المالية المشروعة التي تقترب لها في المعنى، مثل الإعارة التي تقوم على هبة منفعة المال، والوصية التي هي هبة المال لكن بعد الموت، وكذلك الوقف وهو عقد هبة المال والتبرّع به إلى جهات الخير العامّة، إضافة إلى القرض الذي يقتضي هبة منفعة الأموال النقدية والمثلية.
حكم الهبة ومشروعيتها:
الهبة من العقود المشروعة، والتي أخذت حكم الندب، وقد تعددت النصوص التي دلّت على مشروعيتها، نذكر منها:
- مشروعية الهبة في القرآن الكريم: شرع الله تعالى إعطاء المال لأي إنسان عن طيب نفس دون مقابل، وهذا دليل على مشروعية الهبة، فقال الله تعالى: “وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ” سورة البقرة آية 177.
- مشروعية الهبة في السنة النبوية: قال رسول الله _صلّى الله عليه وسلم_ فيما رواه عنه الصحابي أبو هريرة _رضي اله عنه_: “تهادوا تحابّوا” رواه بخاري.
- مشروعية الهبة في إجماع الفقهاء: أجمع الفقهاء على أن الهبة من العقود المشروعة والمستحبّة، ومن العقود الصحيحة بالإيجاب والقبول، كما يُفضّل أن تكون الهبة للأقارب، لما فيها من صلة رحم ومودّة بينهم.