لقد كان للعلماء جهود في متابعة مايصلهم من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فبحثوا في السند، وهو سلسلة الرواة الراوين للحديث في كل طبقة من طبقاته، ودرسوا جزئيات السَّند، وأخرجوا علوماً في أحوال الرِّجال على ميزان القبول والرَّد، وبحثوا أيضاً في متن الحديث النّبويّ بألفاظه ودلالاته، وكان لكلٍ من السَّند والمتن علومٌ خاصَّة بكل منهما، بالإضافة إلى ما اشتركا فيه من الدراسات والنقد والتحليل المشترك بينهما ومن العلوم المشتركة بين السَّند والمتن تفرَّد الحديث أو ما يسمَّى بمنفرد الحديث فماهو تفرُّد الحديث؟ وما هي أقسامة؟، تعالوا بنا نعرف.
مفهوم التفرُّد في الحديث
التفرُّد لغةً: يطلق على من كان وحيداً في عمل أوقول أو أن يكون منفرداً في صفة من الصِّفات.
في اصطلاح المحدّثين: هي أن تكون الرِّواية في الحديث النّبويّ الشريف جاءت من طريق واحد أو راوٍ واحد.
أقسام المفرَد في الحديث
إنّ مصطلح تفرُّد الحديث ينقسم من حيث صفته إلى ما يأتي:
1ـ الغريب
الغريب لغة : ما أطلق على البعيد عن أهلة في المكان، أو المسافر من مكان يعرف به من أقاربه وأهله.
والغريب في اصطلاح المحدّثين ما كان به الرّاوي وحيداً في نقل حديث أو خبر، قيكون منفرداً في حديث نقله. وهو بهذا التعريف خلاف المتواتر الّذي يرويه في كل طبقة من طبقات الرُّواة جمع من رجال الحديث وهو ينقسم من حيث صفة تعريفه إلى:
1ـ الغريب في المتن والسَّند: وهو ما جاء من طريق واحد في سنده ومتنه، أي رواه راوٍ واحد بصيغة المتن الوحيدة التي ذكرت ولم تذكر بهذا اللفظ من طريق آخر.
2ـ الغريب في السند فقط: أن يروي الرَّاوي الحديث منفرداً بغير ما تناقله غيره بأكثر من طريق في الإسناد.
2ـ الفرد
وهو أن يكون الرَّاوي منفرداً بروايته، بأن يروي الرَّاوي الحديث وحده مالم يروِ غيره، وهو بذلك في تعريفة أعمُّ في التفرُّد من الغريب.
حكم الحديث الغريب والفرد
إنّ الحديث الغريب والمفرد يكون منه الحديث الصحيح والحسن والضعيف، فيخضع لقواعد القبول والرَّد وأحوال الرِّجال، أي أنّه لايكون مرفوضاً لغربة راوية أو مقبولاً لسببٍ غير شروط الحديث المقبول، لذلك نجد أنّ العلماء كانوا متوسطين في نقل الرواية، فليس من الشرط أن ينقل حديث من طرق متعددة، ولا من طريق واحدة، أنّما ميزان النقل والرواية أن يخضعَ لشروط القبول عند العلماء.