تقارير استخبارات هوازن عن الجيش النبوي في غزوة حنين

اقرأ في هذا المقال


تقارير استخبارات هوازن عن الجيش النبوي في غزوة حنين:

وكما جرت العادة المتبعة في كل الحروب فإنّ حصول العدو عن المعلومات الكاملة في مختلف القطاعات والمجالات أمر يضعه كل قائد مسؤول في مقدمة خططه وحساباته واستعداداته لمواجهة الفريق الآخر.

وانطلاقاً من تلك القاعدة المتبعة وكما فعل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين بعث باستخباراته للحصول على المعلومات والاخبار اللازمة عن قوة جيش هوازن، فقد فعل مالك بن عوف النصري ملك هوازن وقائدها نفس الشيء.

فبعد أن سارع ليسبق المسلمين إلى وادي حنين وعسکر به وبعد أن علم بتحركهم من مكة المكرمة، قرّر أن يبعث برجال من استخباراته العسكرية تستطلع أمر جيش النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  وتجمع إليه المعلومات الهامة عن جيش النبي صلى الله عليه وسلم التي يحتاج إليها قائد عام جيش هوازن الذي أصبح على أبواب معركة مصيرية حاسمة على نتائجها يتقرر مصير الوثنية بأكملها.

فقد انتخب مالك بن عوف ثلاثة من رجاله وأمرهم بأن يقوموا بمهمة التجسس على جيش النبي صلى الله عليه وسلم لمعرفة مدى قوته، فكون منهم جهاز استخبارات خاصة للقيام بهذه المهمة .

فقد أمر مالك بن عوف هؤلاء الثلاثة بأن يندسوا في معسكر الجيش النبوي، وينقلوا إليه كل ما يحتاج إلى معرفته عن جيش المسلمين، فقام هؤلاء الثلاثة بتنفيذ أمر ملكهم وقائدهم فتسللوا وهم متنكرين حتى وصلوا إلى المعسكر الإسلامي وجاسوا خلاله دون أن يشعر أحد من المسلمين، فعرفوا عن جيش المسلمين ما حل قواهم المعنوية وجعلهم يستيقنون في أنفسهم أن أحدهم مهما كان لن يقدر على أن يتغلب على جيش الإسلام الذي شاهدوه.

لذلك عادوا إلى ملكهم وقائدهم مالك بن عوف فقدموا له عن جيش المسلمين تقريرا أغضبه، ولم يكتف جهاز استخبارات مالك، بل أسدوا لقائدهم النصح بأن يتجنب الصدام مع المسلمين، وأن يعود بجيشه إلى ديار هوازن دون أن يلتحم بجيش المسلمين، لأنّ تلك هي الوسيلة الوحيدة التي بها ينجو مالك وينجي جيشه من هزيمة ستكون ماحقة لا محالة.

وقدم جهاز استخبارات ملك القائد مالك لجيش هوزان تقريره ثم نصحه بعدم الصدام عن قناعة بنوها نتيجة لواقع شهدوه ولمسوه ، حينما خالطوا المسلمين في معسكرهم بين مكة وحنين حيث رأوا ما أفزعهم وبث الرعب في نفوسهم .

ولكن مالك سخر منهم ومن نصائحهم ، وكلف رجلا آخر من رجاله بأن يقدم له تقريراً عن واقع الجيش النبوي، وقد ذهب الرجل إلى معسكر المسلمين للاستكشاف ولكنه عاد إلى القائد مالك يحمل نفس الشعور والانطباع اللذين حملهما الجواسيس الثلاثة، فنصح القائد مالك، بأن يعود إلى ديارهم دون أن يلقى جيش المسلمين، وإلا فإنّ الهزيمة ستكون  من نصيبه ومن نصيب جيشه إن هو أصرّ على ملاقاة جيش المسلمين.

ولكنّ الغرور حال بين القائد مالك وبين أن يأخذ ويعمل ما في التقارير والنصائح التي قدمها رجال استخباراته عن جيش المسلمين، فأصر على مقاتلة الجيش النبوي مهما كانت النتائج، وقد فعل، فنزلت به وبجيش هوازن تلك الهزيمة المنكرة الماحقة التي كانت خاتمة الصراع الدامي بين الإسلام والوثنية في جزيرة العرب.

قال الواقدي: “وبعث مالك بن عوف رجالا من هوازن ينظرون إلى محمد وأصحابه ، ثلاثة نفر ، وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر ، فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم ، فقال : ما شأنكم ويلكم ؟ فقالوا : رأينا رجالا بيضا على خيل بلق ، فوالله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى . وقالوا لمالك: ما نقاتل أهل الأرض إن نقاتل إلا أهل السموات – وإن أفدة عيونه ( أي جواسيسه ) تخفق – وإن أطعتنا رجعت بقومك ، فإن الناس إن رأوا ما رأينا أصابهم مثل الذي أصابنا، قال مالك: أفٌ لكم بل أنتم قوم أجبن أهل العسكر . فحبسهم عنده فرقا ( أي خوفا ) أن ينتشر الرعب في جنده. وقال مالك  : دلوني على رجل شجاع ، فخرج ، ثم رجع إليه وقد أصيب نحو ما أصاب من قبله منهم ، فقال القائد مالك: ما رأيت ؟ قال الرجل الشجاع :رأيت رجالا بيضا على خيل بلق ، ما يطاق النظر إليهم ، ف وربي ما تماسكت أن أصابني ما ترى . فلم يثنه ذلك عن وجهه )”.


شارك المقالة: