تقارير الاستخبارات النبوية في معسكر هوازن في غزوة حنين:
وعندما اقترب الرسول الشريف محمد صلى الله عليه وسلم من وادي حنين، الذي قد اتخذه القائد مالك بن عوف معسكراً لجيوش هوازن، أرسل بأحد أصحابه إلى معسكر هوازن ليقوم بمهمة جمع المعلومات اللازمة عن هذا الجيش، ويجمع كل ما يمكنه معرفته من أخباره.
وقد وصل رجل الاستخبارات الحربية النبوية، فدخل حينها وهو متنكر إلى معسكر هوازن حيث تعسكر في حنين وتجول في جميع نواحي المعسكر ، حتى أنّه وصل إلى مقر قيادة جيش هوازن في المعسكر وسمع ما كان يدور بين ملك هوازن وقائدها مالك وبين بقية رؤسائها من حديث حول الحرب بينهم وبين المسلمين.
وحصل رجل الاستخبارات النبوية على كامل تفاصيل ومعلومات الخطة التي وضعها قائد هوازن مالك بن عوف وملكها لمعركة حنين، وعرف بالتحديد عدد الجند الذي يقوده مالك بن عوف، لمحاربة جيش المسلمين.
ورجل الاستخبارات النبوية هذا هو الصحابي الجليل عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه، وهو الذي قد سمع مالك بن عوف أثناء تواجده في خيمة القيادة، عندما كان يضع لجيش هوازن خطة الهجوم وكان يصغر من شأن ورفعة المسلمين وجيش المسلمين، ويرفع من معنويات قادة الكتائب في جيشه بأنّ لديه عشرين ألف مقاتل من هوازن ستكون الغلبة لهم ولا شك على المسلمين، وذلك لأنّ المسلمين بزعمه لم يقاتلوا في كل حروبهم إلّا أناس لا علم لهم بالحرب، أمّا عن هوازن فهي بزعم مالك بن عوف ستبرهن لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم كيف تكون الحرب.
فقد سمع الصحابي الجليل ابن أبي حدرد مالك بن عوف يقول لقادة وزعماء هوازن في مقر قيادته: “إنّ محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام لم يقاتل قط قبل هذه المرة، وإنّما كان يلقى أغماراً لا علم لهم بالحرب، فينصر عليهم”.
ومن ثم شرع في وضع خطة المعركة الفاصلة والمهمة فقال القائد مالك بن عوف: “فإذا كان السحر فصفوا مواشیكم ونساءكم وأبناءكم من ورائكم، ثم صفوا صفوفكم ثم تكون الحملة منكم”.
ومن ثم دعاهم إلى اتباع طريقة تمكنهم من خفة الحركة، وذلك في قتال المسلمين وتحملهم على الاستبسال وأيضاً عدم التراجع، وهي طريقة کسر جفون السيوف ومن ثم إلقاؤها بعيداً، وقد دعاهم أن يكونوا هم البادئين بالهجوم لأنّ النصر حسب ما يقول إنّما يكون للبادئ بالهجوم فقال: “ثم تكون الحملة منكم واكسروا جفون سيوفكم فتلقونه بعشرين ألف سيف مكسور الجفن، واحملوا حملة رجل واحد، واعلموا أنّ الغلبة لمن حمل أولاً “.
وبعد أن جمع عبد الله بن أبي حدرد على هذه المعلومات الخطيرة الهامة عن جيش هوازن وخططها للحرب، انسل من أمسگهم دون أن يشعر به أحد من رجال العدو.
وحتى إذا ما وصل مقر قيادة الرسول القائد الشريف محمد صلى الله عليه وسلم قدم للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تقريراً بشكل مفصل عن كل ما قد رآه وسمعه في معسكر جيش هوزان.
قال سهل بن حنیف: “سرنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم في غزوة هوازن فأسرع وأتاه رجل فقال: “يا رسول الله قد تقطعوا من ورائك ( یعني المسلمين )، كأنّه يقصد أنّ الجيش النبوي فقد شيئاً من تنظيمه الذي كان عليه – قال سهل : فنزل ( أي نبي الله صلى الله عليه وسلم ) فصلى بهم العصر وآوى إليه الناس فأمرهم فنزلوا”.
وجاء فارس آخر ممّن كلفوا القيام بمهمة الاستطلاع جاء إلى نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم في مقر قيادته وقدم له تقريراً آخر عن وضع قوات العدو كما رآه، فقال: “يا رسول الله إلى انطلقت من بين أيديكم على جبل كذا وكذا ، فإذا بهوازن عن بكرة أبيها بظعنها ونسائها ونعمها في وادي حنين فتبسم نبي الله عليه أفضل الصلاة والسلام وقال: تلك غنيمة للمسلمين غداً إن شاء الله” .