تواضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
إنّ لكل شخص منّا قدوة في حياته، ونحن كمسلمين قدوتنا في حياتنا هو الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنّ الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام اتصف بكل الصفات الصحيحة التي وهبها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، فالرسول محمد هو المنهج الصحيح في كل شئ، وأن كل ما كان يقوم به النبي هو صحيح لا محاله، فيجب علينا أن نقتدي بكل ما كان يقوم به الرسول محمد.
ومن الأعمال التي يجب علينا أن نتعلمها منه هو طريقة تواضع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
مهما تحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفاته وعن أخلاقه فلن نستطيع أن نعطيه ولو بجزء بسيط من حقه عليه الصلاة والسلام، يكفي أنّه ممدوح من قِبَلِ الواحد الأحد والذي وصفه بأنّه صاحب خلق عظيم، فالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يملك من الصفات العظيمة والجليلة والكريمة التي جعلت كل من يراه ويجالسه يعشقه، فحتى الصحابة الكرام عجزوا عن وصف خير الخلق والمرسلين من شدة عظمة صفاته وكرمه ومكانته وخلقه الكبير.
كان من تواضع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يجلس عليه الصلاة والسلام على الأرض، وكان يأكل على الأرض، وكان يعتقل الشاة، وكان يجيب دعوة المملوك على خبز الشعير وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يدفع عنه الناس ولا يُضربوا عنه، وكان النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام لا يرد الطيب أبداً، وحتى أنّه كان عليه الصلاة والسلام يلاعب زينب بنت أم سلمة، وكان يقول لها: “يا زُوَينب، يا زُوَينب” مراراً وتكراراً.
وكان الرسول محمد يسلم على الصبيان حتى في مروره أمامهم ،فعن الصحابي أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبيان يلعبون فسلّم عليهم”. رواه مسلم. وكان من تواضع الرسول محمد صلى الله عليه أنّه كان يخيط ثوبه ويعمل في بيته، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته، وقالت: كان بشراً من البشر؛ يفلّي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه”. رواه الترمذي وصحّحه الألباني.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم متواضعاً حتى مع أقرب الناس إليه فعن أنس قال: “خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين، فما لامني على شيء قط أُتي فيه (أي: أُهلك وأُتلف)، فإن لامني لائمٌ من أهله قال: ((دعوه، فإنه لو قُضي شيء كان)) “. رواه البيهقي وصحّحه الألباني.
وكان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يأتي للمريض ويشهد الجنائز وكان يركب الحمار وكان يجيب مسألة العبد والمرأة فقد “حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الأَعْوَرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُ الْمَرِيضَ، وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ، وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ، وَكَانَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حِمَارٍ مَخْطُومٍ بَحَبْلٍ مِنْ لِيفٍ، وَعَلَيْهِ إِكَافٌ مِنْ لِيفٍ”.
فقد “حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، يُدْعَى إِلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ، وَالإِهَالَةِ السَّنِخَةِ، فَيُجِيبُ وَلَقَدْ كَانَ لَهُ دِرْعٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، فَمَا وَجَدَ مَا يَفُكُّهَا حَتَّى مَاتَ”.
“حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَجَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ، وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، لا تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا، لا رِيَاءَ فِيهِ، وَلا سُمْعَةَ”.
وكان ذلك هو تواضع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي آمن به الناس وبرسالته وبنبوته وبما جاء إليه، فالتواضع صفة ترفع من أخلاق المسلم ومن شأنه وتجعله محبوباً بين الناس، وصفة التواضع تمحي كل الكبر والفوقية بين الناس وتجعلهم سواسية في المحبة والاحترام، لهذا حثَّنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة الجميلة، حيث حثنا على التواضع في كل شئ في الكلام والملبس والردِّ وفي التعامل بين مختلف أشكال وأصناف المجتمع حتى لا تكون هناك أي كراهية بين الناس لعدم وجود التواضع ولوجود صفة التكبر، فمن تواضع لله سبحانه وتعالى رفعه الله في المكانة في الدنيا والآخرة.