توضيح تاريخ العقيدة في القرآن الكريم

اقرأ في هذا المقال


بحث الكثير من الباحثين المسلمين وغير المسلمين في موضوع تاريخ العقيدة، إلّا أنّ ما توصلوا إليه كان مختلفاً من واحد لآخر، لكن مَن بحث في القرآن الكريم عن تاريخ العقيدة، وجد أن القرآن بيّن تاريخ العقيدة ووضحه، وسنتعرف على ذلك في المقال التالي.

بداية الخلق

خلق الله سبحانه وتعالى آدم خلقاً سوياً متكاملاً، ثم بعث فيه الروح، وأدخله في الجنة، ومنحه أن يأكل هو وزوجته منها ما يريدان، إلا شجرة واحدة، لكن طغاه إبليس وأغراه للأكل من تلك الشجرة، فأطاعه آدم _عليه السلام_ عاصياً ربه جل وعلا، فكانت النتيجة أن أنزله الله سبحانه وتعالى من الجنة إلى الأرض، وقبل ذلك وعده الله بأن ينزل عليه وعلى ذريته الهداية، كي يعرّفهم بخلقهم وعقيدتهم أحكام دينهم.

وأنّه وعد من يستجيب له بالفوز والسعادة في الدارين، وتوّعد المنكرين لدعوة الله بالبؤس والشقاء في الدّنيا والآخرة، فقال تعالى: “قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ”سورة البقرة 38-39.

بداية خلق البشرية على التوحيد

بعد نزول آدم _عليه السلام_ إلى الأرض، أنشأ الخالق جل وعلا من ذريته أمة واحدة، خلقها على الإيمان بالله والتوحيد، فقال الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً” سورة البقرة 213، أي على توحيد الله تعالى والحق، لكنهم لم يبقوا على ما خُلقوا عليه، وعبدوا غير الله، واشركوا به، ومنهم مَن كفر بوجود الله تعالى، ولم يُؤمن بأنه هو الخالق المستحق للعبادة.

أول انحراف عن العقيدة

وبعد أن خلق الله تعالى الناس أمة واحدة على فطرة التوحيد، ظهر الانحراف والباطل والطغيان، وكان أول باطل حدث هو المبالغة في موالاة الصالحين، وإعلاء مراتبهم، وكثرة الآلهة المعبودة.

وقال تعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا”سورة نوح 23، وكان ذلك أول باطل ذكره التاريخ، وطغى الخلق به عن توحيد الله، و أرسل الله سبحانه وتعالى نوحاً _عليه السلام_، وكان أول رسول يدعو الناس إلى ما نزل به آدم _عليه السلام _ من رسالة، ثم كان إنزال الكتب السماوية لهداية الخلق.

فاستجاب بعض الناس لدعوة نوح _عليه السلام_ لتوحيد الله تعالى، وأنكر بعض الزعماء الذين يعتقدون أنهم أصحاب العقول والعلم والمعرفة الصحيحة، حيث استكبروا على الحق وأنكروا الدعوة، فقال تعالى في سورة الأعراف 60: قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ”.

ومرّ زمن طويل على دعوة نوح _عليه السلام_، وزادت الخلافات بينه وبين قومه، وما كان من الله تعالى إلّا أن بعث إليهم عقابهم في الدنيا، وأغرقهم بالطوفان، ونجا نوح _عليه السلام_ ومَن آمن معه، وهذا ما جاء في كتاب الله عزّ وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” العنكبوت 14.

واستمرت نعم الله تعالى على العباد الله، ورحمته بهم، فكان سبحانه وتعالى يُنزل إليهم الرسل والأنبياء، كلما أزاغهم الباطل وغدرتهم شهوات الدنيا، قال تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِّقَوْمٍ لّا يُؤْمِنُونَ” سورة المؤمنون 44.

فكانت قصة البشرية عبارة عن منافسة كبيرة بين الحق والباطل، فكان الأنبياء _عليهم السلام_، يأتون بالحق، ويدعون للهدى، ويجدون مَن يُعارضهم ويخالف دعواتهم، ويتبعون ما وجدوا آبائهم وأقوامهم عليه، ويؤمنون بما تطلبه شهواتهم وأهوائهم في الدينا.

حقائق بينها القرآن الكريم في تاريخ العقيدة من خلال دعوات الأنبياء:

  • خلق الله تعالى البشر خلقاً متكاملاً لأهداف وغايات معينة، وهي العبادة والاستخلاف في الأرض، وأن ذلك يتطلب أن يكون الإنسان أهلاً للقيام بذلك.
  • عرّف الله تعالى الإنسان على نفسه منذ بداية الخلق، ولم يفتح له المجال للتفكير حتى يتعرف على خالقه، ورغم أنه أعطاه نعمة العقل والتفكير، أنزل إليه الرسل والأنبياء.
  • أنّ كافة الرسالات السماوية التي جاء بها الأنبياء والرسل _عليه السلام_، تدعو إلى مضمون واحد وهو الدعوة إلى توحيد الله تعالى وعبادته.
  • إنّ التطور في العقيدة ليس سبباً في الشرك، والبعد عن التوحيد والعبادة، كما يعتقد بعض الباحثين، وإنّما السبب هو ترك ما جاء به الأنبياء من هدى في رسالاتهم، واتّباع الباطل والهوى، فقال تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” سورة طه 124.

شارك المقالة: